الغلوسي: يَصِفْ رفض السلطات القضائية بمراكش تسلُّمْ شكايات ضد مسؤولين ومنتخبين متهمين بالفساد بـ”المخالف للقانون”

0
442

حماية المال العام تعتبر جزءًا أساسيًا من مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة في إدارة الموارد العامة. إذا كان القضاء يتوقف عن تسلم الشكايات في هذا الصدد، فإن ذلك قد يؤثر على فعالية جهود مكافحة الفساد في البلاد ويقلل من ثقة المواطنين في نظام العدالة.

قال الحقوقي محمد الغلوسي, رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام, بشكل مفاجئ، قررت السلطات القضائية التوقف عن تسلم الشكايات التي كانت تتلقاها من الجمعية المغربية لحماية المال العام، بعد فترة من استخدامها في ملاحقة منتخبين في قضايا فساد مالي.

و أكد في تدوينة على صفحته في /فايسبوك/ تلقى الفرع الجهوي مراكش-الجنوب لهذه الجمعية بإشعار من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، يخبره فيه « بحفظ شكاية سبق أن تقدم بها لها صلة بشبهات فساد… بسبب عدم إدلاء الفرع بوصل الإيداع النهائي للجمعية ».

و أضاف الحقوقي أن « وزارة الداخلية ترفض لحدِّ الآن تسليمنا وصل الإيداع النهائي ».

ساهمت شكاوى هذه الجمعية في تحريك مساطر عدة في مواجهة مسؤولين ومنتخبين، وقد ذهبت بعض هذه القضايا بأصحابها إلى السجن. إلا أن الانتقادات كانت تلاحقها في المقابل من بعض السياسيين، كان أبرزهم وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي كان يندد بالطريقة التي تنفذ فيها هذه الجمعية أعمالها، متوعدا بوضع حد لذلك.

لم يغفل الغلوسي أن يشير إلى أن تحول موقف السلطات القضائية من جمعيته قد يكون جاء بتأثير من وزارة العدل. فقد ذكر أن « قرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش القاضي بحفظ شكايتنا لعدم إدلائنا بوصل الإيداع النهائي، يترجم عمليا ما سبق لوزير العدل أن قاله في حق جمعيات حماية المال العام، حيث سبق له أن كرر في مناسبات متعددة بأن جمعيات حماية المال العام لا يحق لها أن تتقدم بشكايات ضد المنتخبين والمسؤولين ».

و عبر الحقوقي محمد الغلوسي, رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام, عن قلقه  من أن يكون موقف النيابة العامة في مراكش « يندرج في إطار توجه جديد وطنيا يؤسس لتعامل جديد معنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام ».

في الماضي، بحسب ما يقول الغلوسي، « كان كل الوكلاء العامين للملك السابقين بمراكش وفي مختلف المحاكم يتسلمون شكايتنا بناء على الوصل المؤقت ولائحة أعضاء المكتب ومحضر الجمع العام، ويصدرون تعليماتهم إلى الشرطة القضائية قصد الاستماع لممثل الجمعية كخطوة أولى في مسار البحث القضائي ».

وصف الغلوسي قرار الوكيل العام بمراكش بالـ »مخالف للقانون » على اعتبار أن جمعيته « ليست جهة مشتكية بل هي جهة مبلغة بالفساد ولم يلحقها أي ضرر خاص، ذلك أن الأمر يتعلق بضرر عام لحق بالمجتمع من خلال أفعال تمس بالثقة العامة والمال العمومي ». وقد خلص إلى أن قرار المسؤول القضائي « شارد عن توجهات النيابة العامة في مجال السياسة الجنائية المتعلقة بمكافحة الفساد، والتي تجعل من تخليق الحياة العامة والتفاعل مع المجتمع المدني ركيزتها الأساسية ».

من الضروري أن يكون للقضاء الاستقلالية والقدرة على النظر في الشكاوى بشكل عادل ودون تأثيرات خارجية، سواء كانت من السلطات السياسية أو الضغوط الخارجية. ويجب أن تكون هناك آليات فعّالة لضمان استجابة القضاء للشكاوى ومعالجتها بشكل جدي وعادل، سواء كانت من جمعيات حماية المال العام أو من أي مواطن آخر.

و كانت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة, ذكرت في أحد تقاريرها أن “المغرب يعيش وضعية فساد عامة دون وجود آفاق للخروج منها, حيث تظل كل التوصيات الصادرة للقضاء على الفساد حبرا على ورق ولا تجد آذانا صاغية لتفعيلها على أرض الواقع”.

كما تم التنبيه إلى أن هيئات الرقابة بالمغرب غير مفعلة, ناهيك عن أن التشريع غير جيد على مستوى محاربة الفساد ولا يوجد تجريم للإثراء غير المشروع. وشددت الجمعية في تقريرها على أن الفساد المستشري بالمغرب “ذو طبيعة مزمنة ونسقية” ويمس مختلف القطاعات التي تعني المصالح اليومية للشعب المغربي, مثل المستشفيات والمحاكم والمرافق الإدارية.