التعيينات الجديدة: بين النفوذ الاقتصادي والسياسي
أحدثت تعيينات رئيس الحكومة عزيز أخنوش جدلًا واسعًا بسبب اختيار شخصيات ذات ارتباطات اقتصادية وثيقة بمصالحه التجارية.
تعيين محمد سعد برادة وزيرًا للتعليم على الرغم من خلفيته المهنية في “أفريقيا غاز” التابعة لمجموعة “أكوا” يطرح تساؤلات حول مدى استيفاء معايير الكفاءة في اختيار الوزراء.
بالمثل، عُيّن أمين التهراوي وزيرًا للصحة، رغم ارتباطه المهني الوثيق بعائلة أخنوش، مما يعزز المخاوف بشأن استخدام المناصب الحكومية لتعزيز الولاء السياسي بدلاً من تقديم الكفاءة.
الأثر الاجتماعي: معاناة المواطن تحت وطأة الأزمات
في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، يشعر المغاربة بضغط أكبر على مستوى المعيشة. أظهر استطلاع أجرته شركة “سونيرجيا” أن 83% من المواطنين يعانون من ارتفاع تكاليف الحياة اليومية.
هذه الأرقام، إلى جانب بيانات المندوبية السامية للتخطيط، تؤكد تفاقم الفجوة الاجتماعية واستمرار ما وصفه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عام 2011 بـ”بذور الأزمة الاجتماعية”، التي يبدو أنها لم تجد حلًا بل ازدادت تعقيدًا.
استغلال الموارد: هل أصبح الزبائنية نهجًا؟
تعيين وفاء جمالي على رأس وكالة وطنية تدير مليارات اليوروهات للفئات الهشة يعزز المخاوف من احتمالية استغلال الموارد العامة في تشكيل قاعدة سياسية موالية لأخنوش.
وفق الخبير السياسي محمد مدني، فإن هذه التعيينات تفتح الباب أمام احتمال استخدام هذه الهيئات لأغراض زبائنية، وهو ما يهدد ثقة المواطن في المؤسسات العامة ويثير أسئلة حول نزاهة الانتخابات القادمة.
توترات داخلية: صراع الأوليغارشية والبيروقراطية
التقارير تشير إلى خلافات بين أخنوش ووزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، ما يعكس صراعًا بين الأوليغارشية والبيروقراطية التقليدية داخل الحكومة. هذا التوتر، إذا لم يُحتوَ، قد يؤدي إلى ضعف أداء الحكومة ويزيد من حالة عدم الاستقرار السياسي.
الانتخابات المقبلة: اختبار جديد لأخنوش
مع اقتراب الانتخابات التشريعية في عام 2026، يبقى السؤال حول قدرة أخنوش على الترشح مجددًا. ذكريات حملة المقاطعة التي استهدفت شركة “أفريقيا غاز” عام 2018 لا تزال حاضرة، مما يجعل احتمالية مواجهته لرفض شعبي كبيرة. هذا الوضع قد يفتح المجال لمنافسة من أحزاب أخرى، مثل حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، مع بقاء حزب العدالة والتنمية في حالة تراجع.
المشهد المستقبلي: أي طريق يسلكه المغرب؟
بين التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتوترات السياسية، يبدو المغرب أمام مرحلة حاسمة. هل ستتمكن النخب السياسية من تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية ومتطلبات الإصلاح الديمقراطي؟ أم أن هيمنة الأوليغارشية ستعيد تشكيل قواعد اللعبة السياسية بما يخدم مصالحها فقط؟ يبقى الجواب مرهونًا بالتطورات المقبلة وبتفاعل المواطن مع هذه التحولات.