أيدت محكمة الاستئناف بمدينة طنجة، مساء الأربعاء، الحكم الابتدائي الصادر بحق الناشط الحقوقي ومناهض التطبيع رضوان القسطيط، والقاضي بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية، في قضية ترتبط بتدوينات نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. قضية القسطيط ليست مجرد ملف قضائي تقليدي، بل تعكس زوايا معقدة من واقع الحريات العامة والضغوط السياسية والاجتماعية في المغرب، وتطرح تساؤلات عميقة عن مدى حرية التعبير والحق في الاحتجاج السياسي في ظل تحولات محورية على الساحة الوطنية والإقليمية.
من هو رضوان القسطيط، ولماذا أثار هذا الملف كل هذا الجدل؟
اعتُقل القسطيط في 5 فبراير الماضي، إثر نشره تدوينات اعتُبرت من طرف القضاء “إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم” و”إهانة هيئة منظمة”. هذا الحكم جاء في سياق حساس تشهده المنطقة، حيث تعيش القضية الفلسطينية تحولات كبرى، في المشهد الدبلوماسي، تصاعدت النقاشات حول ملف التطبيع مع إسرائيل، حيث أصبحت هذه القضية محور جدل داخلي وإقليمي، ما يعكس عمق التحديات التي تواجه المنطقة والدول المعنية.
هل يعكس هذا الملف محاولة لتكميم الأفواه المناهضة للتطبيع؟ أم هو تطبيق عادل للقانون؟ السؤال يظل مفتوحًا على وقع تزايد الاحتجاجات والتضامن الواسع الذي شهدته محاكمته، حيث شارك نشطاء حقوقيون وسياسيون في وقفات احتجاجية أمام المحكمة، مؤكدين أن القضية تتجاوز شخص رضوان إلى مصير الحريات السياسية والفكرية في المغرب.
في قلب القضية: هل هناك تصاعد في القمع تجاه الأصوات المناهضة للتطبيع؟
التعليقات الصادرة عن فاعلين سياسيين مثل عمر إحرشان، القيادي في جماعة العدل والإحسان، تشير إلى اتجاه واضح نحو التشدد في مواجهة مناهضي التطبيع، معتبرين أن القضاء صار أداة لتثبيت سياسة توسع التطبيع رغم رفض الشارع المغربي المتكرر.
من هنا تبرز أسئلة أساسية:
-
هل أصبحت محاكمات مناهضي التطبيع مسرحًا لتكريس سياسات تقيد حرية التعبير؟
-
كيف يوازن المغرب بين حماية أمنه القومي، التي يستند إليها في مواقف التطبيع، وبين احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية؟
-
هل يقود هذا التشدد إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعي والسياسي في بلد يعيش تقلبات إقليمية معقدة؟
السياق المغربي والدولي: التطبيع بين الضغوط والتوازنات
لم يعد التطبيع مجرد خيار دبلوماسي، بل بات محورًا لصراعات سياسية داخلية وخارجية. المغرب، الذي يراكم أوراقه الدبلوماسية بخصوص قضية الصحراء، يتعرض كذلك إلى ضغوط في ملف التطبيع مع إسرائيل، إذ تعتبر هذه القضية حجر زاوية في السياسة الإقليمية، ويستند كل طرف إلى مواقف متباينة وسط تأثيرات متبادلة بين الدول.
تقارير دولية مثل تقارير “هيومن رايتس ووتش” و”فريدوم هاوس” ركزت في السنوات الأخيرة على تحديات الحريات العامة في المغرب، خصوصًا في حالات التعبير السياسي والاحتجاج، معتبرة أن البلاد تواجه تحديًا في موازنة التنمية السياسية والأمن الوطني.
هل هناك مساحة للحوار في ظل التشدد القضائي؟
الاعتقالات والإدانات التي تستهدف مناهضي التطبيع تعكس، وفق مراقبين، حالة من الاستقطاب الحاد داخل المجتمع المغربي، حيث تتباين المواقف حول العلاقة مع إسرائيل بين من يرى في التطبيع ضرورة استراتيجية وبين من يعتبره انتهاكًا للقيم الوطنية والقضية الفلسطينية.
من هنا، تبرز ضرورة طرح أسئلة جوهرية:
-
هل هناك استعداد حقيقي من السلطات لإيجاد قنوات للحوار مع التيارات المناهضة للتطبيع؟
-
كيف يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورًا في بناء مساحة للتعبير والتفاوض بدلًا من الصدام القضائي؟
-
ما هو تأثير هذا التشدد على صورة المغرب دوليًا فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحرية التعبير؟