النقيب زيان.. هل كان تخفيض الحكم إلى 3 سنوات انتصاراً للعدالة أم تراجعاً مدبراً؟

0
113

في ختام جلسة ماراثونية دامت أكثر من 12 ساعة، قررت محكمة الاستئناف بالرباط، في ساعة مبكرة من صباح الخميس، تخفيض العقوبة الصادرة في حق النقيب والمحامي البارز محمد زيان إلى 3 سنوات سجناً نافذاً، بعد أن أدانته المحكمة ابتدائياً في يوليو 2024 بخمس سنوات في قضية تتعلق بـ”اختلاس وتبديد أموال عمومية”.

لكن هل يمثل هذا الحكم المخفف انفراجًا في مسار سياسي قضائي متوتر، أم أنه مجرد تعديل شكلي في قضية أثارت جدلاً حقوقيًا داخليًا وخارجيًا؟

زيان.. بين القانون والسياسة

محمد زيان، الرجل البالغ من العمر 83 سنة، يُتابع في حالة اعتقال، إذ يقضي بالفعل ثلاث سنوات سجناً نافذاً في سجن العرجات منذ نوفمبر 2022 في ملف آخر، صُنّف من قبل منظمات حقوقية محلية ودولية على أنه ذي طابع سياسي، وليس مجرد نزاع قانوني.

المتابعة الثانية التي صدر بشأنها الحكم الجديد، جاءت في سياق اتهامات تتعلق بتبديد المال العام، إلا أن دفاع زيان يرى أن الملف برمّته مرتبط بأنشطته السياسية والمهنية كمحامٍ ومعارض صريح.

وهنا يُطرح السؤال الجوهري: هل تُحاكم الوقائع فعلاً، أم تُحاكم المواقف؟

المرافعات.. بين تشديد العقوبة والمرافعة الحقوقية

المحكمة التي انعقدت جلستها ابتداءً من منتصف نهار الأربعاء، شهدت حضورًا استثنائيًا لمحامين من مختلف هيئات المغرب، إضافة إلى نشطاء حقوقيين ومواطنين. وقد طالبت النيابة العامة بتشديد العقوبة، رافضة اعتبار الحكم الابتدائي قاسيًا، بل اقترحت الإبقاء عليه أو حتى زيادته.

لكن ما مدى انسجام هذا الملتمس مع الواقع الصحي والاجتماعي للنقيب زيان؟ أليس من المفترض، حسب منطق العدالة، أن تُراعى الاعتبارات الإنسانية، خاصة حين يتعلق الأمر بشخص مسن يعاني من أمراض مزمنة، في مقدمتها التهاب الفقرات اللاصق ومشاكل في القلب؟

المدى الزمني للسجن.. ماذا بعد؟

بحسب احتساب مدد العقوبة، وفي حال تم دمج الملفين قضائيًا كما هو معمول به، فإن زيان قد يُغادر السجن في نوفمبر المقبل، ما لم يتدخل قرار بالعفو الملكي في وقت أقرب.

لكن العفو، إن وقع، هل سيكون خطوة نحو طي صفحة توتر سياسي وقضائي؟ أم أن الإبقاء على العقوبة ولو مخففة، يعكس توازنًا هشًا بين الإكراهات السياسية وضغط المؤسسات الحقوقية؟

زيان كحالة حقوقية رمزية

بصرف النظر عن تفاصيل القضية، فإن اسم محمد زيان أصبح رمزا للاحتكاك المتزايد بين السلطة والمعارضة في المغرب. فالرجل، الذي تولى مناصب حكومية ومحاماة عن رموز معارضة سابقة، تحول في السنوات الأخيرة إلى أحد أكثر الأصوات انتقادًا للمؤسسة الحاكمة.

لذلك لا يمكن قراءة أي حكم يصدر بحقه خارج السياق الأوسع الذي يشهده المغرب من تراجع في منسوب الحريات وتزايد في المحاكمات ذات البعد السياسي.

في الختام:

الحكم المخفف على محمد زيان ليس مجرد رقم قضائي، بل هو مؤشر لميزان دقيق ومعقد بين ملفات حساسة تشهدها البلاد، وصورة دولة تسعى للحفاظ على توازن بين سيادة القانون ومطالب الانفتاح الحقوقي.

لكن يبقى السؤال مفتوحًا: هل يكون الحكم خطوة نحو انفراج سياسي؟ أم حلقة جديدة في سلسلة من التضييق على الأصوات المعارضة؟