بصيرو ديوماي فاي “المناهض للنفوذ الفرنسي في السنغال” رئيساً جديداً للسنغال

0
216

أقر الائتلاف الحاكم في السنغال اليوم الاثنين رسميا بفوز مرشح المعارضة بصيرو ديوماي فاي في انتخابات الرئاسة، بعد أن أظهرت نتائج رسمية أولية أن مرشح حزب “باستيف” المحظور يتجه لحسم المعركة من الجولة الأولى.

ورغم أن اللجنة المكلفة بالإشراف على الانتخابات لم تعلن رسميا النتائج النهائية، إلا أن مرشح ائتلاف الأغلبية الحاكم المدعوم من الرئيس المنتهية ولاتيه أمادو با، اعترف رسميا بهزيمته في هذه الانتخابات وهنأ مرشح المعارضة، باسيرو ديوماي افاي بالفوز برئاسة السنغال.

أمادوبا، تمنى للمرشح الفائز مزيدا من النجاح مضيفا أنه “في ضوء الاتجاهات الحالية لنتائج الانتخابات الرئاسية، وفي انتظار الإعلان الرسمي فإنه يهنئ الرئيس باسيرو ديوماي فاي على فوزه في الجولة الأولى”.

وقد هنأ الرئيس المنتهية ولايته ماكي سالي، ديوماي فاي على فوزه بالانتخابات من الجولة الأولى، واعتبر ذلك فوزا للديمقراطية السنغالية، كما أشاد بالأجواء التي جرى فيها الاقتراع.

وقبيل إعلان النتائج الرسمية الأولية، أقر مرشح الائتلاف الحاكم “أمادو فا” بالخسارة، في صورة تعكس تقليدا سياسيا ظل سائدا خلال ربع قرن.

فمنذ خسارة الرئيس عبدو ضيوف أمام منافسه عبد الله واد العام 2000، وخسارة واد أمام منافسه ماكي سال، اتسم انتقال السلطة بالإقرار بالخسارة وتسليم السلطة للفائز بشكل سلمي.

ويعد بصيرو ديوماي فاي (44 عاما) -الذي يوصف بأنه مرشح من خارج المؤسسات- الرئيس الخامس للسنغال، وكانت عمليات فرز الأصوات أظهرت تصدره بنسبة تتخطى العتبة المطلوبة للحسم من الجولة الأولى، وبهذا يكون حزب “باستيف” أبرز أحزب المعارضة رغم حظره، قد نجح بإيصال مرشحه إلى المنصب الأعلى في الدولة.

خاضت المعارضة السباق الرئاسي بداية من وراء القضبان في ظل وجود زعيم الحزب عثمان سونوكو في السجن وإقصائه من الترشح.

بعد قرار المجلس الدستوري إبعاد سونوكو عن قائمة المرشحين لوجود حكم قضائي بحقه، وقع الخيار على ديوماي فاي، الذي كان بدوره في السجن، مرشحا عن حزب باستيف، وبهذا انتقل الرجل، الذي لا يملك خبرة سابقة في خوض الاستحقاقات السياسية، إلى رئيس واحدة من أبرز الديمقراطيات في أفريقيا.

بالمعنى السياسي، يمكن القول إن نتيجة الانتخابات كانت من ضمن السيناريوهات المتوقعة، لكن المفاجأة الكبرى تمثلت بحسم السباق من الجولة الأولى بنسبة 60% من الأصوات، ليتخطى العتبة الانتخابية بفارق كبير، وينال أغلبية مطلقة، وهذا ما سهّل على المعارضة إعلان الفوز وحتم على الائتلاف الحاكم الإقرار بالخسارة.

من التحديات التي تواجه الرئيس المنتخب تحديات عدة، داخليا سيكون عليه تعزيز ثقة الشباب الذين شكّل صوتهم رافعة لوصوله للمنصب، وتعد البطالة من أكثر القضايا إلحاحا، حيث وصلت لنحو 19.5% في الربع الثالث من العام الماضي بحسب أرقام رسمية.

وتعد البطالة وقلة فرص العمل الدافع وراء ارتفاع معدلات الهجرة غير النظامية باتجاه أوروبا.

التضخم يعد بدوره مشكلة رئيسية تودي لتآكل القدرة الشرائية للسكان، صحيح أنها معضلة لا تنحصر في السنغال، إلا أنه سيكون على الرئيس المنتخب أن يضع خارطة طريق للخروج من معدلات مرتفعة أدت بالفعل إلى خفض معدلات الاستهلاك، وتبديد الزيادات في الرواتب التي اعتمدت الصيف الماضي.

ديوماي فاي “المناهض للنفوذ الفرنسي في السنغال”

ويرى الخبير المختص في الشأن الأفريقي أحمد ولد محمد المصطفى أن تعهدات باسيرو في الحملة الانتخابية كانت في غالبيتها رسائل لفرنسا مفادها بأن حاكم دكار الجديد لن يظل معتمدا على باريس.

ولفت ولد محمد المصطفى في تصريح لـ”عربي21″ إلى أن انتخاب باسيرو ديوماي فاي، المناهض للنفوذ الفرنسي في السنغال، مؤشر على تراجع الحضور الفرنسي ليس على مستوى النخب فقط وإنما على مستوى الجماهير ومؤشر أيضا على نهاية جيل من السياسيين وهو الجيل الذي حكم في البلدان الأفريقية ما بعد الاستقلال عن فرنسا.

ورأى المتحدث أن انتخاب باسيرو ديوماي فاي، يحمل رسائل مباشرة مفادها أن الجيل الشبابي في السنغال لا يريد التبعية لباريس.

وتابع: “فوز باسيرو ديوماي فاي، يعني فوز الخطاب الشبابي المناهض للنفوذ الأجنبي بشكل عام والنفوذ الفرنسي بشكل خاص”.

تعاط حذر
واعتبر ولد محمد المصطفى، في تصريح لـ”عربي21″ أن مستقبل فرنسا في المنطقة ككل يواجه تحديات منها أن مناهضتها أصبحت أداة جالب للأصوات.

لكن ولد محمد المصطفى، لفت إلى أن تعاطي الرئيس السنغالي المنتخب مع فرنسا، سيكون مختلفا عن تعاطي قادة أفارقة وصلوا السلطة في انقلابات عسكرية.

وأضاف: “لا اعتقد أن الوتيرة التي سارت بها العلاقات بين الفرنسيين وحكام مالي والنيجر وبوركينافاسو ستكون هي نفسها بالنسبة للسنغال، فقد لا تكون هناك قطيعة سريعة لكن ستتأثر علاقات داكار وباريس بالتأكيد وأفقها بالنسبة للطرفين قاتم”.

ورأى أن الرئيس السنغالي المنتخب “سيكون مضطرا في النهاية للتعامل مع فرنسا حتى ولو كانت لديه مواقف حدية منها ولدى حزبه والداعمين له”.

وأضاف: “خصوصية السنغال وطبيعة علاقاتها مع فرنسا والتشابك في هذه العلاقات وحجم المصالح المتداخلة هذا كله سيفرض مستوى من التعاطي الحذر مع باريس”.

وأكد أنه لا يمكن لعلاقات البلدين أن تتطور نحو الأحسن “فقصارى ما يطمح له البلدين في هذه المرحلة هو أن يسيرا علاقاتهما بهدوء ويمنعا انجرارها نحو ما وصلت إليه في بلدان أفريقية أخرى”.

النفط والغاز سيف ذو حدين

يعد النفط والغاز من أبرز أوراق الرئيس المنتخب، وقد سبق للبنك الدولي أن اعتبرهما رافعة الاقتصاد، وبحسب تقديرات رسمية، فإن البلاد تقترب من تحقيق قدرة إنتاجية بنحو 100 ألف برميل نفط يوميا، وحوالي 2.5 مليون طن من الغاز سنويا، لكنهما سيف ذو حدين، بحسب الرئيس المنتخب، طالما أن العقود لا تلعب لصالح الدولة.

خلال الحملات الانتخابية وعد زعيم “باستيف” عثمان سونكو بإعادة التفاوض على عقود الطاقة لزيادة إيرادات الدولة من جهة، والاستفادة منها في تطوير قطاع إنتاج الطاقة من جهة أخرى، والخلاف على استثمار إنتاج الغاز محليا كان السبب وراء انسحاب شركة “بي بي” البريطانية نهاية العام الماضي بعدما سعت لتصدير كامل الإنتاج.

ومع طي صفحة الانتخابات و3 سنوات من الاضطرابات، تتهيأ السنغال للدخول في مرحلة سياسية جديدة، عنوانها رئيس شاب جديد على الحياة السياسية، متسلح بدعم سياسي مخضرم يحسّن مخاطبة الشارع والمواطن، ولا يتبنى أي من الرجلين -الرئيس المنتخب باسيرو ديوماي فاي أو عرابه عثمان سونوكو- أي خطاب عدائي للخارج، لفرنسا أو لغيرها، ويعتمدان لغة ترى في الداخل أولوية.