شركة إسرائيلية تبحث للحصول على تراخيص التنقيب عن الغاز الطبيعي في المغرب

0
283

كشفت تقارير مؤكدة أن شركة “نيو ميد إنيرجي” الإسرائيلية، متخصصة في التنقيب وتطوير وإنتاج الغاز الطبيعي والنفط، وصلت إلى مرحلة متقدمة في مفاوضاتها مع المغرب للحصول على تراخيص التنقيب عن الغاز الطبيعي في المغرب هدفها “استثمار طويل الأجل” وقالت إن “اقتصاد المغرب وسوق الطاقة فيها يوفران إمكانات كبيرة، كما أن البلاد ستكون أرضية مستقرة لاستثمار طويل الأجل”.

وذكر الرئيس التنفيذي لشركة “نيو ميد إنيرجي” أنه يبحث مع شركاء دوليين الاستثمار في سوق الطاقة في المغرب، وتحديدا فرص التنقيب عن الغاز الطبيعي واعتبر أن “اقتصاد المغرب وسوق الطاقة فيها يوفران إمكانات كبيرة، كما أن البلاد ستكون أرضية مستقرة لاستثمار طويل الأجل”.

ويملك المغرب أصولا جيولوجية وتجارية كبيرة في كل من المناطق البحرية للمحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.

فيما لم يتم الإعلان أو الإفصاح نهائيا عن المناطق التي تستهدفها الشركة الإسرائيلية في تنقيبها عن الغاز بالمغرب.

وكان المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمناجم في المغرب قد أعلن قبل أسابيع، عن “نتائج مشجعة بشأن وجود تراكم من الغاز في حقل بحري بسواحل مدينة العرائش، وأنه تمت برمجة انطلاق إنتاج الغاز في عام 2024، في منطقة التنقيب البحرية” ليكسوس”.

وأكدت مصادر رسمية حينها أن الغاز المكتشف سيخصص لأغراض إنتاج الكهرباء من خلال تغذية محطات مدن القنيطرة والمحمدية أو تاهدارت ومختلف الصناعات في منطقة القنيطرة.

وقرر المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمناجم في وقت سابق حفر البئر المسماة “أنشوا-2″، الواقعة على بعد 38 كيلومترا من ساحل العرائش و87 كيلومترا من مدينة القنيطرة، وذلك على هامش النتائج المشجعة للدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية التي انتهت بإعلان اكتشافات لكميات معتبرة من الغاز. 

فمنذ إعلان وقف تصدير الغاز الجزائري -رسميًا- عبر الأراضي المغربية من خلال خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم يتوقف الحديث عن خطط الرباط لتأمين احتياجاتها من الغاز، وهل تنجح مشروعات التنقيب في وضع البلاد على خريطة الدول المنتجة للنفط والغاز.

وبالتزامن مع صدور تصريحات رسمية بالاستمرار في خطة اكتشافات الغاز في المغرب، خرجت رؤية صادمة من أحد الباحثين الفرنسيين تشكك في إمكان الاعتماد على الغاز المحلي لسد الطلب، المتوقع أن يشهد تناميًا خلال السنوات المقبلة.

تشكيك الباحث الفرنسي

قال الباحث الفرنسي فرانسيس بيرين -في مقابلة أجرتها صحيفة “ماروك إبدو” Maroc Hebdo الناطقة باللغة الفرنسية- إن الاعتماد على عملية التنقيب والاستكشاف يُعدّ “مخاطرة كبيرة”.

الباحث الفرنسي فرانسيس

وأشار إلى أنه مع توقف إمدادات الغاز الجزائري، فقد خسر المغرب إمدادات الوقود اللازمة لتشغيل عدد من محطات الكهرباء، فضلًا عن حقوق النقل المرتبطة بمرور الغاز عبر أراضيه، وهو ما يجعله في حاجة إلى حلول سريعة لتلافي مشكلات التزوّد بالكهرباء.

  • باحث فرنسي يشكك في الغاز المغربي.. ويصف الاكتشافات بـ”المخاطرة”

وأوضح بيرين -المتخصص في الطاقة، مدير الأبحاث في “أي آر أي إس” IRIS، وهي مؤسسة فكرية فرنسية تعمل على موضوعات جيوسياسية وإستراتيجية مستقلة- أنه “لحلّ المشكلة لا بد من الاتجاه إلى الاستثمار وتطوير الإستراتيجيات على المدى الطويل، أمّا على المدى القصير، فليس أمام المغرب إلّا خيار استيراد الوقود الأحفوري، ليحلّ محلّ الغاز الجزائري، أو استيراد الكهرباء من القارّة الأوروبية”.

وقال نصًا خلال حواره الصحفي: “هناك احتمال غير مؤكد طويل المدى باكتشاف حقول غاز جديدة في المغرب، ليس هناك ما يضمن حدوث ذلك، فالاعتماد على الاستكشاف هو مخاطرة كبيرة”.

حقل غاز أنشوا

لم تمر سوى 20 يومًا فقط على تصريحات الباحث الفرنسي، حتى جاء الرد من باطن الأرض، إذ أعلنت شركة شاريوت البريطانية في 10 يناير/كانون الثاني الجاري نتائج إيجابية بعد بدء الحفر في حقل أنشوا المغربي.

وقالت الشركة البريطانية إن أعمال التقييم والاستكشاف لبئر أنشوا-2، ضمن ترخيص “ليكسوس” قبالة الساحل المغربي، أظهرت زيادة كبيرة في احتياطيات الغاز المغربي.

وكانت الشركة قد توقعت أن احتياطي اكتشافات الغاز في المغرب تتعدى تريليون قدم مكعبة، بما يمثل زيادة قدرها 148% مقارنة مع التقدير السابق، وتشمل 361 مليار قدم مكعب من الموارد الطبيعية المؤكدة، و690 مليار قدم مكعبة من الموارد المحتملة.

ومن المقرر أن تجري الشركة تقييمًا لاحتياطيات البئر -التي تمتلك فيها حصة 75%، في حين يمتلك المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن المملوك للدولة المغربية النسبة المتبقية 25%- بعد الانتهاء من عمليات جمع البيانات، والانتقال إلى مرحلة التحليل، لتقييم مستويات الغاز المتوافرة.

وأظهر التقييم الأولي لمعطيات البئر، التي يُتوقع أن تُوضع على خطوط الإنتاج خلال 2024، وجود تراكم للغاز على مستوى بئر “أنشوا-2” بسمك إجمالي صافٍ قدره 100 متر، موزع على 6 مناطق، يتراوح سمكها بين 8 و30 مترًا لكل منها.

اكتشاف غرسيف

مع توقف إمدادات الغاز الجزائري، خرج العديد من الخبراء بتصريحات تؤكد أن أراضي المملكة المغربية تحتضن إمكانات نفطية وغازية ضخمة غير مستغلة، وكيف لا يكون ذلك وجارتاها الجزائر وموريتانيا، اللتان تشترك معهما في العديد من الخصائص، تمتلكان احتياطيات مؤكدة ضخمة.

ولعل ما أكده الخبير المغربي في مجال النفط والصناعة الطاقية، الحسين اليمني، خير دليل على ذلك، عندما قال تصريحات صحفية: “لا يمكن أن تكون أعماق المغرب عاقرة لهذه الدرجة، ونحن سنستغل الطاقات الموجودة في الصحراء والجنوب والشمال”.

فبعد نحو أسبوع من إعلان شركة شاريوت اكتشاف حقل غاز أنشوا، جاء المدد مرة أخرى من شركة بريداتور أويل آند غاس البريطانية التي أعلنت اكتشافات ضخمة في ترخيص غرسيف، الذي تمتلك فيه نسبة 75% والمكتب الوطني للهيدروكربونات والمناجم 25%.

ونشرت الشركة البريطانية نتائج تقييم مستقل لبئر إم أو يو-4، عقب النتائج الإيجابية لعمليات حفر بئر إم أو يو-1، مع التعهد أنه بمجرد إثبات الاحتياطيات وتطوير البئر، ستدرس بجدية تصنيع الغاز الطبيعي المضغوط في الموقع.

وبلغ التقدير الإجمالي المسبق للمشروع 393 مليار قدم مكعّبة من الغاز المغربي، مع امتلاك بريداتور نحو 295 مليار قدم مكعّبة، بناءً على استخراج الغاز بنسبة 66% على مدار 13 عامًا.

وبناءً على تقدير الغاز الموجود في البداية للخزانات الأكثر سمكًا في اكتشاف بئر إم أو يو-4، فإن صافي الاحتياطيات المنسوبة إلى بريداتور يعكس نحو 708 مليارات قدم مكعّبة من الغاز.

اكتشافات الغاز المغربي

تعوّل الرباط على اكتشافات الغاز في المغرب، خاصة في حقل أنشوا وغرسيف، لتأمين جزء كبير من احتياجاتها المحلية من الغاز الطبيعي المسال، في ظل الأزمات الدبلوماسية مع جارتها الجزائر.

ومؤخرًا، أبرم المكتب الوطني للكهرباء والماء في المملكة عقدًا مع شركة ساوند إنرجي البريطانية، يمهّد لبدء عمليات استخراج وبيع وتصدير ما يقرب من 350 مليون متر مكعب سنويًا من غاز حقل تندرارة المغربي، لمدة 10 سنوات.

اكتُشف حقل تندرارة المغربي عام 1966، ومن المتوقع بدء الإنتاج منه خلال العام الجاري، ويتطلب تطويره حفر ما يقرب من 8 آبار، وتشير التوقعات إلى وصول الإنتاج من الحقل ذروته عام 2026، بما يُقدَّر بـ151 ألف برميل يوميًا من النفط الخام والمكثفات، بالإضافة إلى 50 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز الطبيعي، مع استمرار إنتاج الحقل حتى عام 2067.

ولعل اكتشافات الغاز في المغرب تكون أبلغ رد على الباحث الفرنسي الذي زعم أنه لا يوجد إنتاج بالغ الأهمية للغاز في المغرب، وأنه من غير المؤكد أن تكون هناك اكتشافات غازيّة أخرى بخلاف حقل تندرارة.

وتعمل الرباط خلال المدة الأخيرة على تسويق اكتشافات الغاز في المغرب، لزيادة إنتاج البلاد الذي يُقدر بنحو 10 ملايين قدم مكعّبة يوميًا من الحقول البرية التي تديرها في الغالب شركة إس دي إكس البريطانية شمال شرقي الرباط.

وزيرة الطاقة ليلى بنعلي

الاحتياجات المغربية

كانت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب ليلي بنعلي قد أكدت -في تصريحات سابقة أمام البرلمان- أن إنتاج بلادها من الغاز سيصل إلى 110 ملايين متر مكعب في 2021، في الوقت الذي يبلغ استهلاكها السنوي مليار متر مكعب، أي أن الإنتاج لا يتجاوز 11% من إجمالي الاحتياجات المحلية نتيجة ضعف كثافة الآبار.

وقالت إن شركات عالمية تعمل حاليًا للتوصل إلى اكتشافات الغاز في المغرب على مساحة تبلغ نحو 283 ألفًا و600 كيلومتر مربع، عبر 9 رخص استغلال، و53 رخصة استكشاف، منها 26 في المجال البحري، باستثمارات تُقدر بنحو 27 مليار درهم (2.98 مليار دولار).

وأكدت وزيرة الطاقة أن الأحواض الرسوبية المغربية غير مستكشفة بما فيه الكفاية، كون أن معدل كثافة الآبار في كل 10 آلاف كيلومتر مربع لا يتجاوز 4 آبار بالمقارنة مع المعدل العالمي الذي يناهز 1000 بئر.

وقالت بنعلي -وقتها- إن احتياجات بلادها من الغاز الطبيعي ستتضاعف 3 مرات إلى نحو 3 مليارات متر مكعب بحلول عام 2040، إذ تتطلع البلاد إلى الغاز المسال لتعزيز انتقالها المنخفض الكربون ومعالجة الإمدادات غير المنتظمة من مصادر الطاقة المتجددة.