ارتفاع تكاليف الحج في المغرب ..الأوقاف تعلن عن تكلفة الحج لهذا العام 63.800 درهم..فالحج في نهاية المطاف لمن استطاع إليه سبيلا

0
289

تختلف تكلفة الحج من بلد إلى آخر تبعا للمسافة وأجور النقل والطيران وغيرها. وهناك من يرى أن التكاليف مُبالغ فيها ومرهقة للفقراء، لاسيما مع فرض مزيد من الرسوم على خدمات الحج، في حين وصلت تكاليف الحج في المملكة المغربية هذا الموسم إلى أرقام غير مسبوقة، وهو ما سؤدى إلى لجوء البعض إلى البحث عن طرق مختلفة أقل تكلفة، ولو من خلال التحايل على بعض القواعد والقوانين، خاصة في ظل ظروف اقتصادية صعبة في البلاد بشكل عام.

أفاد بلاغ  لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية  المغربية ،حول مصاريف الحج ،أن مبلغ مصاريف الحج لهذا الموسم (1443هـ) بالنسبة لتنظيم الوزارة هو ثلاثة وستون ألفا وثمانمائة درهم (63.800 درهم)” 8000 اورو تقريبا”، وهو مبلغ غير شامل لمصاريف الجيب.

وأوضح بلاغ  الوزارة،  أن على جميع من توفرت فيه الشروط (قرعة 2019 وشرط السن والتلقيح) أن يقوم بإيداع مبلغ المصاريف دفعة واحدة بإحدى وكالات بريد بنك في المدة ما بين صباح يوم الاثنين 30 مايو وعشية يوم الجمعة 3 يونيو؛ مضيفة أن مدة الإيداع ومكانه يسريان على المؤطرين بالوزارة والمؤطرين بوكالات الأسفار.

واشترط البلاغ على   كل من يتقدم لأداء المصاريف بوكالات بريد بنك أن يكون مصحوبا ببطاقة التعريف الوطنية وشهادة التلقيح الخاص بكوفيد 19 (جرعة واحدة من صنف جونسون آند جونسون أو جرعتان من أحد الأصناف الأخرى).

 ويأتي بلاغ  وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية،  اثر  توصلها، أمس الأحد، بمعلومات من الجهات المكلفة بالحج في المملكة العربية السعودية بخصوص كلفة الخدمات الأساسية والإضافية، وعملا بتوصيات اللجنة الملكية للحج في اجتماع يوم 10 ماي الجاري. 

وتكاد الصورة في المغرب لا تختلف عما هي عليه في أغلب الدول الإسلامية، حيث يكافح الفقراء من أجل جمع مبالغ طائلة لتحقيق “حجّة” العمر. وفي المقابل، نادراً ما نجد نقاشاً عاماً في هذا الموضوع، الذي يعتبره بعضهم من “المحرّمات”، فما الذي يجعل تكلفة الحج مرتفعة، مقارنة مع باقي الأسفار التي يقوم بها الإنسان، بما فيها التي تقصد الأماكن الأكثر جذباً للسيّاح في العالم؟ ولماذا هذا السكوت المتواطئ عن مناقشة موضوعٍ هو في صميم الحياة، بل في صميم الدين؟

ما يجعل تكلفة الحج مرتفعة الجهات التي ترعى تنظيمها، سواء تعلق الأمر بالدولة السعودية التي تفرض واجباتٍ معينة على كل حاج أداؤها إذا أراد الحج، أو الدولة مصدر الحجاج التي تحدد لحجّاجها المبالغ التي عليهم دفعها مسبقاً من أجل استيفاء شروطها التي تلزمهم بها، كما هو الشأن في الحالة المغربية هنا.

وتتدخل هنا عدة عوامل ترفع من تكلفة الحج، لعل أهمّها وأبرزها استمرار احتكار شركة الطيران السعودية، وشركات الطيران المحلية نقل الحجاج بأسعار مرتفعة في وقتٍ توجد في العالم شركات طيران منخفضة التكلفة تتيح السفر للجميع بأسعار تلائم ميزانية كل مسافر، فما الذي يمنع الدولة السعودية، أو الدول الإسلامية المصدّرة للحجيج، إيجاد شركات طيران موازية منخفضة التكلفة، لجعل السفر إلى الحج متيسراً للجميع، كل حسب إمكاناته المادية؟ يضاف إلى ذلك ارتفاع مصاريف بعض الواجبات الدينية التي تؤدى مسبقاً، وبأسعار لا تناسب أسعارها الحقيقية، مثل الأضاحي، وما يرافقها من خدمات مدفوعة سلفاً، وارتفاع أسعار الإقامة في شروطٍ يشتكي منها الحجاج الفقراء كل سنة، لأنها بكل بساطة لا تحترم آدميتهم!

لقد تحوّل الحج إلى عملية اقتصادية مربحة، سواء بالنسبة للدول المصدّرة للحجاج، أو للدولة السعودية التي تعتبر أكبر مستفيد من مداخيل الحج التي تقدرها تقارير متطابقة ورسمية بنحو 19 مليار دولار سنوياً، تدخل إلى خزينة الدولة السعودية، في حين أنّ الحج هو أكبر وقف إسلامي، كان يفترض أن تذهب أرباحه إلى فقراء المسلمين عبر العالم. 

الدعوة إلى تغيير هذا الواقع، إذا لم تتم بالنصيحة، يجب أن تتم قسراً عبر سلاح “المقاطعة” للحج. وهنا دور علماء الدين الشجعان لإصدار فتاوى تبرّر هذه المقاطعة، فالحج يبقى في نهاية المطاف لمن استطاع إليه سبيلا . وعبر التاريخ الإسلامي انقطع الحج عدة سنوات متتالية لأسباب سياسية، كما حصل في عهد القرامطة الذين اختطفوا الحجر الأسود عدة سنواتٍ انقطع فيها الحج.

وثمّة اليوم أكثر من مبرّر ديني وإنساني واقتصادي واجتماعي لاستعمال سلاح “المقاطعة”، حتى تتغير السياسات التي حوّلت الحج إلى بقرة حلوب، وحوّلت مصاريفه إلى أغراض لا تخدم فقط الدين، وإنما تضرّ به وتضرّ بمسلمين.

زيادة تكلفة الحج وصفتها الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين بأنها “جائرة”، لا سيما أن المملكة رفعت أسعار تأشيرات الحج بنسبة 20% عن العام الماضي.

وقالت الهيئة إن ذلك يؤدي إلى عزوف الآلاف عن تأدية مناسك الحج، وإن على السعودية أن تعيد النظر في الضرائب الباهظة التي لا يتحملها الفقراء.

يُذكر أن عائدات السعودية من الحج والعمرة تتجاوز -بحسب بعض المصادر- 12 مليار دولار كل عام.