يعيش المغاربة حالة من ضيق العيش والهمِّ والبطالة والسوء وقلة ذات اليد ؛ الديون تتراكم على المواطنين موظفيهم وعمالهم ، الأسعار ترتفع يوما بعد يوم ، الضرائب تُفرض على المواطنين ، ولا تفكير إلا في تحصيل لقمة العيش و الخبز واسطوانة الغاز والمصروف اليومي. نعم ، أصبح المواطنون يعيشون في وضع لا يطاق لدرجة أنَّ امرأة مكلومة كبلت أبناءها بالسلاسل ، وآخرين لا يقتاتون إلا من حاويات المزابل، إلى غير ذلك من المآسي التي تتفطر لها القلوب .
جدب وقحط وسوء حال ؛ فما هو السبب ؟؟
اتهم المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام بالمغرب، في بلاغ له، أعضاء من التحالف الحكومي المدبر للجماعات الترابية والشأن العام بالفساد وتضارب المصالح، مشيرا إلى أن منهم من “أدين قضائيا بتهم فساد مالي”.
واعتبر البلاغ أن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات وتوسع هامش الأرباح لدى الشركات العاملة في القطاع له ارتباط بعجز مجلس المنافسة عن القيام بالأدوار المنوطة به قانونا و بضعف آليات ضبط السوق وسيادة الاحتكار.
وأوضح المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام بالمغرب، أن الحكومة تتنصل من الالتزامات القانونية والسياسية لمكافحة الفساد والريع والرشوة، معبرا عن قلقه :” البالغ من تردد السلطة القضائية في حسم ملفات الفساد المالي المعروضة عليها إذ أن هناك ملفات أمام البحث التمهيدي والتحقيق والمحاكمة وأيضا أمام محكمة النقض قد عمرت طويلا دون أن تظهر نتائجها فضلا عن ضعف الإجراءات والأحكام القضائية الصادرة في ملفات الفساد ونهب المال العام واقتصار المتابعات القضائية في غالبها على المنتخبين والموظفين والمقاولين وهو ما يشكل تمييزا في أعمال القانون من شأنه أن يقوض أية جهود أو برامج موجهة لمكافحة الفساد كما من شأنه أن يضعف الثقة في المؤسسات ويذكي الشعور بالتمييز ويقوي مشاعر الإحباط والتشكيك” بحسب البلاغ.
وذكر حامي الدين في تدوينة نشرها على حسابه على “فايسبوك”، أن “المشكلة الأكبر في المغرب هي مشكلة الفساد”، موضحا أن الأخير “له بنية قائمة وله أحزاب تدافع عنه وله نفوذ في مواقع مختلفة، وهو اليوم يمنع أي إمكانية لحماية الاقتصاد الوطني من التقلبات العالمية المفاجئة، ولاسيما في مجال المحروقات”.
ورسم صورة قاتمة لمستقبل المملكة في العديد من القطاعات، ومنها الطاقة، حيث أكد أنه “لا يمكن تدبير السياسة الطاقوية في المغرب من طرف المستثمرين الكبار في هذا المجال”. “كما لا يمكن انتظار قرارات تروم حماية القدرة الشرائية للمواطنين من طرف من اعتادوا الاستفادة من مثل هذه الأزمات”، يضيف ذات المتحدث.
كما أكدت برلمانية سابقة أن “الارتفاع المخيف في أثمان المحروقات وما سيتبعه من ارتفاع أسعار كل شيء وأي شيء، بدون مبرر وبدون تقنين وبدون حماية للمستهلك، الذي يجد نفسه رهينة الضرورة وغياب البدائل، يجب أن يتوقف”.
ولم تخف المتحدثة خيبة أملها بخصوص غياب أي مبادرة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، وقالت : “لا يمكن أن نطلب من حكومة يترأسها فاعل أساسي في سوق المحروقات، التحرك لتقنين نفس السوق”.
واسترسلت عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية تقول : “الحكومة مكبلة أخلاقيا قبل أن تكون مكبلة قانونيا، بخرق مبدأ دستوري يجرم تنازع المصالح ويناهض الاحتكار والتركيز الاقتصادي”، مردفة: “رئيس حكومتنا في وضعية تنازع مصالح واضح، حتى لو حاول جيش المحامين المجندين للدفاع عنه في هذا الفضاء من كل شكل ونوع اقناعنا أنه تنازل عن إدارة أعماله ولم يعد قانونيا أي شكليا، مسؤولا عنها”.
وخلصت إلى التأكيد أن “الجمع بين السلطة والثروة خطر، أن تكون طرفا وحكما في نفس الوقت خطر. أن تكون تاجرا وممثلا مفترضا لزبونك، أمر لا يقبله عقل ولا منطق”.
ولم تجد الأوساط الحقوقية المغربية المطالبة بسياسة فعالة في مجال الشفافية ومكافحة الفساد أذانا صاغية أو بادرة من قبل الحكومة لمحاربة الآفة، بل وقفت على تماد خطير فيها.
فبعد 8 أشهر من تنصيب الحكومة، لم يتم رصد أي بادرة لمحاربة الفساد، مما يعكس انعدام أي استراتيجية لديها للقيام بذلك.
وأمام هذا الوضع، راسلت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، رئيس الحكومة عزيز أخنوش بمذكرة للإعراب عن قلقها الشديد ازاء الفساد المستشري في المغرب، باعتباره “ذات طبيعة مزمنة ونسقية”.
ودقت الجمعية ناقوس الخطر و اكدت أن الفساد يمس العيش اليومي للمواطنين في الإدارات، مثل المستشفيات والمحاكم والمرافق الإدارية، والتي يعاني منها أيضا رؤساء المقاولات في مجال الاستثمار أو في مجال الصفقات العامة.
وتضمنت مذكرة الجمعية المغربية، مطالب لحكومة اخنوش بتوضيح موقفها من الفساد و سياستها في مجال تضارب المصالح والثراء غير المشروع، و تحديد الإجراءات التي ستتخذها لتعزيز موارد الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها من أجل ضمان استقلاليتها وفعاليتها.