في أبريل الماضي ، نبه المنسق الوطني لتحالف فيدرالية اليسار بالمغرب، عبد السلام العزيز، من خطر لوبي الشركات الذي أصبح متحكما في القرار السياسي بالمملكة، مستنكرا لامبالاة حكومة الملياردير أخنوش بما يحصل من أزمات اقتصادية واجتماعية بالبلاد وتركيزها على خدمة أجندات لوبي المحروقات وما شابههم.
وحذر عبد السلام العزيز في مداخلة له بمناسبة لقاء تواصلي نظمه تحالف فيدرالية اليسار الأحد 10 أبريل الماضي، من الأزمة الخانقة التي تعرفها المملكة في مستوياتها الإقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أن “لوبي الشركات الكبرى أصبح متحكما في القرار السياسي بالمغرب، من خلال الحكومة البرلمان، بل وفي مؤسسات دستورية كمجلس المنافسة”.
وسجلت الأرباح الصافية لمجموعتي “شل” البريطانية و”توتال إنرجي” الفرنسية العملاقتين قفزة في الفصل الثاني، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط والغاز بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وفق نتائج نشرت الخميس.
وارتفع الربح الصافي لمجموعة شل خمسة أضعاف، وبلغ 18 مليار دولار. أما أرباح توتال إنرجي فقد زادت بأكثر من الضعف على مدى عام وبلغت 5,7 مليار دولار، مقارنة بـ2,3 مليار دولار قبل عام.
واعتبر رئيس مجلس إدارة توتال إنرجي بارتيك بويانيه وفق ما نقل عنه بيان الشركة، أن “الآثار المترتبة عن الغزو الروسي لأوكرانيا على أسواق الطاقة تتواصل في الفصل الثاني، وقد تجاوز متوسط سعر برميل النفط 110 دولارات.
ويستفيد مجمل قطاع النفط والغاز في العالم من ارتفاع الأسعار في الأسواق.
وأعلنت مجموعة “إكينور” النروجية العملاقة الأربعاء أنها حققت في الفصل الثاني أرباحا صافية بلغت تقريبا 6,8 مليار دولار، مقابل 1,9 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
في فرنسا، غذت هذه الأرباح النقاش حول احتمال فرض ضرائب عليها. إلا أن الجمعية الوطنية رفضت السبت فكرة فرض ضريبة على “الأرباح الاستثنائية” للشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات وخصوص ا تلك النفطية، رغم احتجاج اليسار واليمين المتطرف.
في المقابل، أعلنت توتال إنرجي خصم 20 سنتا من سعر لتر الوقود في المحطات اعتبارا شتنبر في فرنسا.
وكان الشارع المغربي يعلق آمالا كبيرة على اجتماع برلماني مع الحكومة بداية ابريل الماضي لمساءلتها حول “الارتفاعات المتتالية لأسعار البنزين”، و اجراءاتها للخروج من عنق الزجاجة، الا ان مجلس النواب اعلن تأجيل الاجتماع “إلى أجل غير مسمى”، وسط استياء ازاء تجاهل الائتلاف الحاكم لأزمة تؤرق المواطنين وتوجيه أصابع الاتهام لرئيس الحكومة عزيز اخنوش في محاولات تهربه وتلكئه في بحث زيادة أسعار البنزين.
وبعد إعلان التأجيل مباشرة، غصت منصات التواصل الاجتماعي بانتقادات لأحزاب الأغلبية، خاصة رئيسها، عزيز أخنوش، كونه أحد المستثمرين في قطاع البنزين، عبر شركته الشهيرة لبيع الوقود.
وفي تعليق على هذا القرار، اعتبر الباحث في العلوم السياسية، أمين الإدريسي، أن “تأجيل هذا الاجتماع الهام هو إهانة للشعب والمؤسسة التشريعية، لأن ما تشهده البلاد في هذه الظرفية الصعبة جدا يقتضي اجتماعا عاجلا لمدارسة نقطة جد هامة، وهي ارتفاع أسعار المواد لأساسية والمحروقات”.
وشدد الإدريسي في حديث صحفي على أن “أسوأ ما تتميز به هذه الحكومة هو صمتها عند كل محطة حرجة، في غياب لأي مبادرة واقعية وآنية تظهر تأثيرها على المشهد الاجتماعي”.
وعلى مستوى أحزاب المعارضة، أعرب الفريق النيابي “للتقدم والاشتراكية” عن ” قلقه إزاء تملص الحكومة من واجب المثول أمام المؤسسة التشريعية، وهروبها إلى الأمام، واختبائها من مواجهة الرأي العام، في ظل لحظة دقيقة تتسم بظروف اقتصادية واجتماعية صعبة”.
نفس الاتجاه ذهبت اليه المجموعة النيابية لحزب “العدالة والتنمية”، التي اكدت ان “الحكومة تتهرب من التواصل ومن مساءلة البرلمان حول المواضيع التي تؤرق المواطنين، وعلى رأسها التهاب الأسعار وبالخصوص أثمنة المحروقات، وتوضيح أسباب هذا الغلاء المتصاعد والزيادات المتتالية للمواطنين”.
وسجل عضو المجموعة، مصطفى إبراهيمي، أن “شركة رئيس الحكومة وباقي الشركات العاملة بقطاع المحروقات تحقق اليوم أرباحا خيالية، وهذا نموذج سيء لتدبير الأزمات من لدن الحكومة”.
وهنا تجدر الاشارة الى أن مجلة “فوربس” المتخصصة في إحصاء ثروات أغنياء العالم, ذكرت إن ثروة عزيز أخنوش زادت بنحو 100 مليون دولار ليصل إجمالي ثروته إلى 2 مليار دولار.
وصنفت المجلة أخنوش في المرتبة ال14 من بين أغنى أغنياء العرب عام 2022، بينما جاء عثمان بنجلون، مالك بنك التجاري وفا، في المرتبة الـ18 بثروة ناهزت 1.3 مليار دولار.
ومع تجاهل الحكومة لمطالب الشعب في العيش بكرامة، دأبت التقارير الحقوقية بالمملكة على وصفها بـ”حكومة التفقير والتهميش و ارهاب الشعب”.
وفي هذا الشأن يقول جمال العسري، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، أنه الى جانب عامل قوة لوبي المحروقات،”هناك عامل لا يقل أهمية عنه هو رئاسة الحكومة من قبل أخنوش، صاحب إحدى أكبر شركات المحروقات بالمغرب، إن لم نقل أكبرها”، موضحا انه استنادا لهذا، “يمكن للمتابع أن يفهم أكثر سبب اتخاذ الحكومة لموقف المتفرج من هذا الإرتفاع الفاحش لأسعار المحروقات، ويفهم أكثر هذا التأجيل لجلسة برلمانية كان المفروض أن تناقش غلاء المعيشة و ارتفاع الأسعار بالمغرب، بل ويفهم أكثر هذا الصمت الطويل للجنة التي عينها الملك لمراجعة قرار مجلس المنافسة في أرباح شركات المحروقات”.
وأمام هذه المعطيات، يقول العسري، “من حق المواطن البسيط أن يربط بين نار الغلاء الذي يكتوي به و بين الملايير التي تجنيها هذه الشركات من هذا الإرتفاع”، حيث يؤكد العديد من الإقتصاديين المختصين بقطاع المحروقات أن أرباحها تجاوزت الـ45 مليار دولار.