الدبلوماسية الملكية المميّزة والاستباقية..افتتاح سفارة للرأس الأخضر بالعاصمة المغربية

0
185

ينتهج المغرب في الآونة الأخيرة سياسة دبلوماسية، تبدو في منطلقاتها محايدة وفي صورتها مميّزة، بالنّظر إلى ما حقّقه المغرب من نجاحات في تاريخه السياسي الراهن. ويبرز هنا الدور الذي يلعبه وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة بتععليمات ملكية سامية ممنهجة وهادفة ، في تقوية أواصر الصداقة مع البلدان المجاورة، وتحقيق مختلف أنواع الشراكات الاقتصادية والتعاقدات السياسيّة.

من هذا المنطلق ، أشرف وزيري خارجية المغرب، ناصر بوريطة،  ونظيره بجمهورية الرأس الأخضر،  روي ألبيرتو دي فيغيريدو سواريس، اليوم الثلاثاء 30 اغسطس 2022،  على افتتاح مقر سفارة جمهورية الرأس الأخضر  بالرباط. 

وفي كلمة له بالمناسبة، قال وزير خارجية الرأس الاخضر أن زيارته الأخيرة للمغرب، تأتي في إطار مشاركة بلده في الاجتماع الوزاري الأول للدول المطلة على المحيط الأطلسي، التي ساهمت في تنزيل أحد الأهداف المُسطرة في البيان المشترك المُوقع بين البلدين، والمتمثل في افتتاح تمثيلية دبلوماسية في الرباط وقنصلية عامة بمدينة الداخلة، معتبرا  أن تعيين قائم بالأعمال على رأس سفارة بلده، سيساهم في الدفع بالعلاقات الثنائية لكي تصل إلى مستوى طموحاتنا المشتركة.  

وأشار إلى  أن العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين ستُمكن جمهورية الرأس الأخضر من الاستفادة من التجربة والخبرة التي راكمها المغرب في عدد من مجالات التعاون المشترك.

 




وشهد المغرب تحوّلات اجتماعية وسياسية، كان لها أثر كبير في مفهوم الدبلوماسية الجديدة التي يعتمدها في علاقته بدول الجوار. فتارة نراه أشبه بـ”العدو الناعم” القادر على فرض سيطرته وأساليب حواراته ونقاشاته، كما حدث قبل شهور مع ألمانيا، وتارة أخرى نتلمّس هدوءه مع إسبانيا، إذ اعترفت هذه الأخيرة قبل أيام بسيادة المغرب على الصحراء، الأمر الذي سيتسبّب بنقاش كبير داخل المنطقة المَغاربية، بخاصة داخل الجزائر، حيث انتقدت بعض الأحزاب السياسية السياسة المركزية الإسبانية.

والحقيقة أن قيمة دبلوماسية المغرب، لم ترتبط فقط بحركة وزير خارجيته أو قوة الكيان الدبلوماسي وجدارته في الاستحقاقات الدبلوماسية في المنطقة العربية، بل تعود أساساً إلى الاستقرار الذي يحظى به المغرب، مقارنة بدول عربية أخرى في المنطقة.

فهذا الاستقرار يشكّل عاملاً مهماً للبلد يقوده إلى الانكفاء على ذاته، وفهم مسارات تحديثه والشرخ الذي طبع علاقاته الدبلوماسية في الحقبة الحديثة، نظراً إلى الانتكاسات القوية التي عرفها منذ حصوله على الاستقلال. 

 

تقع جزر الرأس الأخضر في غرب أفريقيا، وعلى بعد 500 كيلو متر من سواحل السنغال في المحيط الأطلنطي، قرب دائرة عرض 16 شمالًا، وخط طول 25  غربًا، وتتكون الجزر من قسمين: جزر جبلية وعرة، وجزر سهلية منبسطة، مناخ الجزر معتدل طول العام بالنسبة لموقعها البحري.

وأهم هذه الجزر: جزيرة سانتاغو، وهي أكبر الجزر، وبها مدينة برايا العاصمة، ثم جزيرة القديسة ونسافنت، وجزيرة سانتا أنتاو، ثم جزيرة فوغو، ثم جزيرة نيكولو، وجزيرة مايو، وجزيرة سانتالوسيا، اكتشف هذه الجزر البرتغاليون سنة 1460م، وتشكل هذه الجزر موقعًا ممتازًا في المحيط الأطلنطي؛ ولهذا احتلتها البرتغال، واستقلت عن البرتغال سنة 1975م.

السكان والنشاط البشري:

يقدر سكان جمهورية الرأس الأخضر في سنة 1408هـ – 1988م (358,000 نسمة )، أغلبهم خليط برتغالي أفريقي، يتحدثون لهجة (كرييول)، إلى جانب اللغة البرتغالية، وهناك جالية كبيرة من سكان الجزر تعيش في السنغال والبرازيل، ومن أبرز الحرف صيد الأسماك، والزراعة فيزرع قصب السكر، والذرة، والبن، والموز، وتوجد بعض الصناعات الخفيفة، كما تعتبر السياحة من الحرف الهامة بالجزر، والغالبية العظمى من السكان مسيحيون.

وصول الإسلام إلى الرأس الأخضر:

لقد وصل الإسلام إلى هذه الجزر بوصول المهاجرين من غربي أفريقيا، وكذلك بوصول الرقيق الأفريقي الذي جلبه البرتغاليون إلى الجزر، عندما سيطرت البرتغال على هذه التجارة في القرون 16، 17، 18 الميلادي، ولكن الضغط النصراني والاضطهاد المسيحي منع هذه الموجة من الازدهار.

وتعرف جزر الرأس الأخضر في التاريخ الأفريقي بأنها جزر استراحة العبيد؛ إذ قامت البرتغال منذ احتلالها لهذه الجزر بتحويلها إلى مركز لتجمع الأفارقة الذين تاجرت بهم ونقلتهم إلى الأمريكتين في سفن لا تليق بالبشر، وشهدت هذه الجزر العديد من المآسي التي تعرض لها الأفارقة، وقد اعتبرت جزر الرأس الأخضر من أهم مستودعات جمع الرقيق الأفريقي، ومن أهم الأسواق العالمية في ذلك الوقت، كما كانت قبل وقوعها في براثن المستعمر البرتغالي تضم عناصر بشرية أفريقية مسلمة، وكان الإسلام هو الدين السائد بين سكان جميع الجزر، وقد أسس المسلمون هناك العديد من المساجد والمدارس القرآنية.

ووصل الإسلام إلى الجزر حديثًا بهجرة العمالة المسلمة من السنغال وجامبيا، وبعض دول غرب أفريقيا، غير أن عدد المسلمين بالجزر قليل، فعدد المسلمين بالعاصمة قدر بحوالي 30 ألف مسلمًا، أما في باقي الجزر فمن المتعذر معرفة أعداد المسلمين بها، ولكن نشاط الجالية السنغالية يبشر بخير للدعوة الإسلامية، ويقدر عدد المسلمين في الجزر بحوالي (71.600 مسلم).

المشكلات والمتطلبات:

من أبرزها تباعد الجزر عن بعضها، وانتشار المسلمين في مناطق عديدة من هذه الجزر، ومن المشاكل انعدام التنظيم والهيئات الإسلامية، وكذلك غياب المساجد والمدارس الإسلامية، وجهل المسلمين في هذه الجزر بقواعد الإسلام. وتبرز الاحتياجات في علاج هذه المشكلات، مثل: محاولة تشكيل هيئة أو جمعية إسلامية تشرف على العمل الإسلامي في الجزر، وجود بعض المساجد والمدارس الإسلامية، كذلك الحاجة إلى الكتب الإسلامية باللغة البرتغالية أو الفرنسية، وترجمة معاني القرآن الكريم بالفرنسية.