وجه صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله، مساء اليوم الأحد، خطابا إلى شعبه الوفي بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء، مؤكداً حضرته أن جهود الرباط في الدفاع عن مغربية الصحراء يرتكز على منظور متكامل يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة.
وقال الملك محمد السادس في خطاب ألقاه الأحد بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء ان جهود الرباط في الدفاع عن مغربية الصحراء ترتكز على منظور متكامل يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة.
وأضاف صاحب الجلالة حفظه الله في خطابه بشان ملف الصحراء “أن الجهود تندرج ضمن البرنامج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية وهو برنامج مندمج بغلاف مالي يتجاوز 77 مليار درهم، ويهدف إلى إطلاق دينامية اقتصادية واجتماعية حقيقية، وخلق فرص الشغل والاستثمار، وتمكين المنطقة من البنيات التحتية والمرافق الضرورية”.
وأكد أن البرنامج ” طموح، يستجيب لانشغالات وتطلعات سكان الأقاليم الجنوبية؛ وتتحمل السلطات المحلية والمنتخبة، مسؤولية الإشراف على تنزيل مشاريعه”.
وثمن صاحب الجلالة الملك المفدى النتائج الإيجابية، التي تم تحقيقها، قائلا ان نسبة الالتزام ” بلغت حوالي 80 في المائة، من مجموع الغلاف المالي المخصص له”.
وتحدث الملك المفدى محمد السادس عن اهم الانجازات قائلا ” تم إنجاز الطريق السريع تيزنيت – الداخلة، الذي بلغ مراحله الأخيرة، وربط المنطقة بالشبكة الكهربائية الوطنية، إضافة إلى تقوية وتوسيع شبكات الاتصال.
وأضاف “تم الانتهاء من إنجاز محطات الطاقة الشمسية والريحية المبرمجة.وسيتم الشروع قريبا، في أشغال بناء الميناء الكبير الداخلة – الأطلسي، بعد الانتهاء من مختلف الدراسات والمساطر الإدارية.
وتابع “على الصعيد الاقتصادي، الذي يعد المحرك الرئيسي للتنمية، تم إنجاز مجموعة من المشاريع، في مجال تثمين وتحويل منتوجات الصيد البحري، الذي يوفر آلاف مناصب الشغل لأبناء المنطقة.
وقال جلالته “في المجال الفلاحي، تم توفير وتطوير أزيد من ستة آلاف هكتار، بالداخلة وبوجدور، ووضعها رهن إشارة الفلاحين الشباب، من أبناء المنطقة. مضيفا “كما تعرف معظم المشاريع المبرمجة، في قطاعات الفوسفاط والماء والتطهير، نسبة إنجاز متقدمة”.
وتحدث جلالته حفظه الله عن الجانب الثقافي والاجتماعي قائلا ” شهد المجال الاجتماعي والثقافي، عدة إنجازات في مجالات الصحة والتعليم والتكوين، ودعم مبادرات التشغيل الذاتي، والنهوض باللغة والثقافة الحسانية، باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية الوطنية الموحدة”.
وطالب ملك المغرب القطاع الخاص “بمواصلة النهوض بالاستثمار المنتج بهذه الأقاليم، لاسيما في المشاريع ذات الطابع الاجتماعي”.
ودعا الملك محمد السادس ” لفتح آفاق جديدة، أمام الدينامية التنموية، التي تعرفها الاقليم الجنوبية، لا سيما في القطاعات الواعدة، والاقتصاد الأزرق، والطاقات المتجددة”.
واشار صاحب الجلالة إلى صلة الوصل الإنسانية والروحية والحضارية والاقتصادية، بين المغرب وعمقه الإفريقي قائلا ” انه يسعى من خلال العمل التنموي الذي نقوم به، إلى ترسيخ هذا الدور التاريخي، وجعله أكثر انفتاحا على المستقبل”.
وتحدث الملك المفدى محمد السادس عن المزايا الذي سيمنحها مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا الذي من المقرر أن يغذي غرب إفريقيا وأوروبا، في ظل منافسة شديدة مع الجزائر، أكبر مصدّر للغاز الطبيعي في إفريقيا.
واشار الى الفوائد الاقتصادية للمشروع خاصة في الدفع بالتنمية للأجيال المقبلة في منطقة غرب أفريقيا فيما بدأت المنطقة محط أنظار العالم في خضم ازمة طاقة تمر بها اوروبا بسبب وقف الإمدادات الروسية.
ووُقّعت في الرباط في منتصف سبتمبر/ايلول مذكرة تفاهم حول مشروع أنبوب الغاز الذي يربط نيجيريا بالمغرب مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. وتشارك موريتانيا والسنغال أيضا في هذا المشروع.
وقال الملك المفدى “إنه مشروع من أجل السلام والاندماج الاقتصادي الإفريقي والتنمية المشتركة، مشروع من أجل الحاضر والأجيال القادمة”. وأضاف “نريده مشروعا استراتيجيا لفائدة منطقة غرب إفريقيا كلها التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة”.
وتابع “بالنظر إلى البُعد القارّي لأنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، فإنّنا نعتبره أيضًا مشروعًا مهيكلًا يربط بين إفريقيا وأوروبا”.
ومشروع خط أنبوب الغاز النيجيري-المغربي الذي لم يُحدّد جدول زمني لإنجازه بعد، يندرج في سياق جيوسياسي يطغى عليه طلب دولي قوي على الغاز والنفط وارتفاع في الأسعار على أثر الغزو الروسي لأوكرانيا. وتسعى دول عدة، خصوصا في أوروبا، إلى تقليل اعتمادها على روسيا.
ويبلغ طول مشروع أنبوب غاز نيجيريا – المغرب 6000 كيلومتر، ويمر عبر 13 دولة إفريقية على طول ساحل المحيط الأطلسي ويفترض أن يمدّ دولا غير ساحلية هي النيجر وبوركينا فاسو ومالي.
وينبغي أن يتيح المشروع نقل أكثر من 5000 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى المغرب. وبالتالي سيتم ربطه مباشرة بخط أنابيب المغرب-أوروبا وشبكة الغاز الأوروبية.
وأعلِن عن مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب نهاية العام 2016، وهو يأتي على خلفية خصومة إقليمية متزايدة بين المغرب والجزائر التي تُعتبر أكبر مصدّر إفريقي للغاز الطبيعي والسابع عالميا.
وبلغت الأزمة بين البلدين الجارين ذروتها مع قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما في أغسطس/اب 2021 بقرار من الجزائر خاصة مع النجاحات الدبلوماسية التي حققتها الرباط في الملف من خلال عزل جبهة بوليساريو الانفصالية.
وعلى الأثر قطعت الجزائر الغاز عن المغرب وأغلقت في أكتوبر/تشرين الاول أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي يضخ الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر المغرب.ومذّاك تسعى الرباط إلى إيجاد بدائل لتلبية احتياجاتها.
وفي نهاية يوليو/تموز وقّع وزراء الطاقة الجزائري والنيجيري والنيجري مذكّرة تفاهم لتنفيذ مشروع منافس ضخم لضخ الغاز عبر الصحراء يزيد طوله عن أربعة آلاف كيلومتر لإيصال الغاز النيجيري إلى أوروبا عبر النيجر والجزائر. ولم يحدد أي جدول زمني لإنجاز المشروع.
وفي أغسطس/اب دعا العاهل المغربي بعض الدول الشريكة للمغرب التي لا تؤيد بوضوح موقف الرباط بشأن النزاع في الصحراء المغربية إلى “توضيح مواقفها”، من دون أن يخص بالذكر أي دولة.
ويؤكد صاحب الجلالة الملك المفدى دائما ان “ملف الصحراء هو هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم”.