“بعد إيقاف التهريب المعيشي في شمال المغرب: فشل البدائل الاقتصادية ودور هشاشة الأسر والتعليم في الهجرة الجماعية من الفنيدق”

0
126

محاولات الهجرة بالشمال تسائل نجاعة السياسات العمومية والتنمية المحلية

أثارت محاولة الهجرة الجماعية الأخيرة للأطفال والقاصرين من مدينة الفنيدق نحو سبتة، موجة من التساؤلات حول نجاعة السياسات العمومية في المنطقة الشمالية وفعاليتها في خلق تنمية محلية مستدامة. بينما استمرت هذه المحاولات بشكل لافت، أصبح من الضروري توجيه الأنظار نحو العوامل الأساسية المحركة لهذه الظاهرة، بدءاً من القضايا الاقتصادية وصولاً إلى الجوانب الاجتماعية والتربوية.

أبعاد الهجرة الجماعية

من أبرز التساؤلات التي يطرحها هذا الملف: ما هو الدافع الأساسي لهذه الهجرات؟ هل هي محض نتيجة لغياب التنمية والفرص الاقتصادية، أم أن هناك أسبابًا أعمق تتعلق بالأسرة والتعليم؟ في حين أن البعض يعتبر الهجرة نتيجة مباشرة للفقر وغياب فرص العمل، يشير محللون مثل محمد العمراني بوخبزة إلى أن المسألة أعقد من ذلك، موضحاً أن الهجرة لا ترتبط فقط بالجانب الاقتصادي بل تتأثر بمشاكل أسرية وتربوية، وحتى بدوافع المغامرة. وبالتالي، من غير الدقيق ربط كل محاولات الهجرة الجماعية بانعدام التنمية فقط.

التنمية في المنطقة بين الطموح والواقع

رغم تسجيل بعض النجاحات في التنمية بالمنطقة الشمالية، وخاصة على مستوى البنى التحتية والسياحة، إلا أن هذا لم يترجم بعد إلى نتائج ملموسة على الفئات الأكثر هشاشة. العديد من المشاريع التي أطلقت، بما فيها المنطقة الاقتصادية الخاصة، لم تُحدث حتى الآن تحسنًا فوريًا في مستوى المعيشة، مما يزيد من الضغوط على الأسر ويدفع الشباب والأطفال إلى البحث عن فرص خارج الحدود.

فشل السياسات البديلة بعد إنهاء التهريب المعيشي

أحد القضايا التي تُثار بشكل دائم هو إنهاء نشاط التهريب المعيشي منذ 2019، وهو النشاط الذي كان يُعتبر شريان حياة لأسر كثيرة في المنطقة الحدودية. ومع غياب بديل اقتصادي فعال ومستعجل، وجدت هذه الأسر نفسها في مواجهة تحديات اقتصادية حادة، مما يزيد من الإحباط والرغبة في الهجرة.

المسكوت عنه في هذا الملف

مما لا شك فيه أن ظاهرة الهجرة ليست فقط تعبيراً عن أزمة اقتصادية، بل تعكس أزمة شاملة تشمل العديد من الجوانب: الهشاشة الأسرية، ضعف منظومة التعليم، وغياب الأنشطة الشبابية التي تمنح الأمل للشباب. علاوة على ذلك، تشير بعض التقارير إلى وجود عمل منظم يستهدف استقطاب هؤلاء الأطفال من مناطق متعددة بغرض الهجرة، مما يستدعي ضرورة التحقق من شبكات التهريب التي قد تكون ضالعة في هذه العمليات.

أسئلة يجب طرحها

  1. هل ستتمكن المنطقة الاقتصادية الجديدة من توفير فرص عمل مستدامة للنساء والشباب؟

  2. كيف يمكن للحكومة تحسين برامج التعليم والأنشطة الموازية لجذب الشباب وإبعادهم عن التفكير في الهجرة؟

  3. إلى أي مدى تتدخل شبكات تهريب منظمة في دفع الأطفال للهجرة، وما هي الحلول الأمنية لمواجهة هذه التهديدات؟

التأثير على الصورة الخارجية للمغرب

فيما يتعلق بتأثير هذه المحاولات على صورة المغرب دوليًا، يشير البعض إلى أن هذه الأحداث لم تحظَ بزخم إعلامي كبير على الساحة الدولية، ربما بسبب انشغال دول العالم بتحديات اقتصادية تضغط على مفهوم الهجرة بحد ذاته. ومع ذلك، يجب أن يكون هناك اهتمام أكبر بمعالجة الظاهرة من الجذور، لأن استمرار هذه المشاهد قد يعزز من الصور السلبية المرتبطة بالمغرب في الخارج.

تثير محاولات الهجرة المتكررة من شمال المغرب الكثير من التساؤلات حول مدى فعالية السياسات الحكومية في تحسين أوضاع هذه الفئات الهشة. ورغم الجهود التنموية المبذولة، يبقى السؤال الرئيسي: هل ستتمكن هذه السياسات من خلق أثر ملموس يحسن من حياة المواطنين أم أن الهجرة ستظل الخيار الوحيد أمامهم؟