التعيينات المجمدة في وزارة التربية: عرقلة تقنية أم حسابات سياسية؟

0
123

رغم مرور أسابيع على استكمال وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة كافة مراحل انتقاء المديرين الإقليميين الجدد، لا تزال قرارات التعيين الرسمية حبيسة أدراج الوزارة. وفي وقت حرج من الموسم الدراسي، تُدار 27 مديرية إقليمية بالتكليف المؤقت، في مشهد يطرح أسئلة مقلقة حول مدى التزام الوزارة بمبدأي الكفاءة والشفافية في تدبير المناصب العليا.

إدارة تربوية مؤقتة في لحظة دقيقة

تعيش منظومة التربية الوطنية حالة ارتباك ميداني في لحظة تعد من أكثر مراحل الموسم الدراسي حساسية، لما تتضمنه من اختبارات إشهادية، وصفقات الدخول المدرسي المقبل، وتوسيع شبكة “مؤسسات الريادة” ضمن برنامج الإصلاح 2022-2026. وفي ظل غياب مدراء إقليميين معينين بصفة رسمية، يتخذ المديرون المؤقتون قرارات حذرة قد تفتقر إلى الجسارة المطلوبة لتنزيل مشاريع إصلاحية كبرى.

التعيينات المؤجلة: هل يُدار القطاع بمنطق “المحاباة”؟

تفيد مصادر متطابقة أن التأخر في إصدار التعيينات لا يرتبط بعوائق إدارية، بل بتداخلات من خارج الوزارة، بعضها سياسي وبعضها نقابي وحتى قبلي. هذه التدخلات تسعى ـ بحسب مصادر “المغرب الآن” ـ إلى فرض أسماء مقربة، ما يجعل من مسألة تعيين مسؤولين ترابيين في التربية رهينة لتوازنات غير تربوية، في قطاع لا يزال يعاني من أزمة ثقة رغم الشعارات الإصلاحية المعلنة.

السؤال المركزي هنا: هل يمكن لإصلاح المنظومة التربوية أن يتم بأدوات مُحاطة بولاءات حزبية وضغوطات فئوية؟

الحركية الداخلية.. هل كانت مجرد “تصفية حسابات”؟

سبق للوزارة أن أعفت 16 مديرًا إقليميًا وأجرت حركة تنقيلات واسعة، ما أسفر عن شغور فعلي في مناصب قيادية. لكن بدل تسريع وتيرة التعيين لملء هذا الفراغ، طغت الضبابية مجددًا. جدولة زمنية دقيقة كانت قد وُقّعت من طرف الكاتب العام السابق يونس السحيمي، كان من المفترض أن تُنهي العملية منتصف أبريل، لكن لا شيء تحقق.

فهل نحن أمام أزمة تدبير حقيقية داخل دواليب الوزارة، أم أن الأمر يُدار بتوجيهات من مراكز نفوذ خارجية؟

أزمة حكامة أم فشل في تحصين القرار التربوي من التسييس؟

الوزارة التي يفترض أن تقود التحول في المدرسة العمومية، تبدو عاجزة عن تحصين قرار التعيين من التجاذبات. والنتيجة: تأخر في تنزيل أوراش الإصلاح، وتراجع محتمل في مؤشرات الثقة، سواء داخل القطاع أو من طرف المواطنين.

هذا الواقع يجرنا إلى سؤال أعمق: كيف يمكن بناء “مدرسة الثقة” في ظل ضعف الثقة في آليات تدبير مناصب القرار التربوي نفسها؟

ختامًا..

في وقت ترفع فيه الدولة شعار الإنصاف والنجاعة في الوظيفة العمومية، يبدو أن وزارة التربية الوطنية مطالبة بالإجابة عن سؤال بسيط لكنه جوهري: من يُعين المديرين الإقليميين فعليًا؟ هل هي لجنة الانتقاء؟ أم الجهات التي تحسن الضغط خلف الستار؟

ومتى تتحول المدرسة المغربية من ملف للتوظيف السياسي إلى ورش وطني فوق الحسابات؟