بعد تحرير “المغرب الآن”.. أزمة المعتمرين العالقين في جدة تصل المسؤولين والقنصلية توضح (تفاصيل مؤلمة)

0
195

حرّك تقرير سابق لـ”المغرب الآن” ضمير المسؤولين المغاربة بعد كشفه معاناة أكثر من 1500 معتمر مغربي علقوا لعدة أيام في مطار جدة، وسط ظروف قاسية تفتقر إلى أبسط مقومات الكرامة الإنسانية. لم تكن تلك الصرخات التي تناقلتها عدسات وهواتف المعتمرين مجرد شكاوى عابرة، بل نداءات استغاثة إنسانية تقطع نياط القلب، وثّقها التقرير بشهادات حية نقلت مأساة عائلات كاملة علِقت في دوامة الإهمال وسوء التنظيم. هذا العمل الصحفي لم يكن فقط ناقلاً للخبر، بل شكّل صرخة مهنية هزّت الرأي العام وأيقظت الضمير الرسمي، وأثارت ردود فعل واسعة دفعت القنصلية المغربية بجدة إلى إصدار بيان توضيحي. غير أن هذا البيان، رغم محاولته امتصاص الغضب، فتح الباب أمام تساؤلات أكبر: من يتحمل المسؤولية الفعلية عن هذا الوضع؟ ولماذا استُمرّ في برمجة رحلات جديدة لمعتمرين إضافيين دون ضمان عودة من أنهوا مناسكهم منذ أسابيع؟ وهل تكفي التوضيحات الرسمية لطمس ملامح معاناة امتدت أياماً بين مطاري جدة ومكة؟

صرخة استغاثة من جدة ومكة: مغاربة عالقون في رحلة المعاناة و”مناسك للطيران” تتخلى عنهم

هل يكفي التوضيح؟

القنصلية المغربية بجدة أكدت في بيانها أنها تتابع الوضع بـ”دقة واستمرارية”، وأنها تنسق مع السلطات السعودية وشركة “مناسك للطيران” لتسريع وتيرة الرحلات المتأخرة، وضمان عودة المواطنين “في أقرب الآجال وبظروف تحفظ كرامتهم”.

لكن السؤال الجوهري هنا: أين كانت هذه الجهود قبل أن يتحول الأمر إلى قضية رأي عام؟ ولماذا لم يتم اتخاذ تدابير استباقية لتفادي هذا التعثر؟

شركة الطيران في قلب العاصفة… ولكن ماذا عن وكالات الأسفار؟

البيان ألقى بالمسؤولية المباشرة على شركة الطيران منخفضة التكلفة، التي قال إنها “غير مهيأة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المعتمرين”، ولا تملك خطة طوارئ، ولم تُشعر الركاب مسبقاً بإلغاء أو تأجيل الرحلات، مما خلق حالة من الفوضى.

غير أن هذا الطرح يفتح الباب لتساؤلات أخرى:

  • ألم يكن يفترض بوكالات الأسفار المغربية المتعاملة مع الشركة أن تضمن الحد الأدنى من الجودة والموثوقية؟

  • أين دور وزارة السياحة والجهات الرقابية في التأكد من أهلية هذه الشركات قبل التوقيع معها؟

تعهدات لم تُحترم: خلل في التنسيق أم استهتار بالمواطنين؟

البيان ذكر أن شركة الطيران تعهدت خلال اجتماع رسمي بحضور ممثلين عن وزارة الحج والعمرة وهيئة الطيران المدني والقنصلية المغربية، ببرمجة رحلات إضافية مع توفير الإقامة والإعاشة للمعتمرين العالقين.

لكن تلك الالتزامات، حسب القنصلية، لم تُحترم، بل تم تجاهلها عبر إضافة أكثر من 1500 معتمر جديد دون تأمين عودة من هم عالقون أصلاً.

هل هذا مؤشر على ضعف التنسيق؟ أم أن هناك تهاوناً متعمداً من طرف الشركة لاعتبارات تجارية بحتة؟

وهل من تداعيات قانونية أو دبلوماسية تنتظر الشركة؟

تحرك دبلوماسي… ولكن بعد فوات الأوان؟

في ختام البيان، شددت القنصلية على استمرار التزامها بمواكبة الأزمة “ميدانياً” إلى حين تسويتها، داعية إلى “تضافر الجهود وتغليب روح المسؤولية”.

ورغم أهمية هذا التوجه، يظل السؤال معلقاً: هل كان بالإمكان تجنب هذه الأزمة لو تم التخطيط لها بشكل مسبق؟

وهل سيتحول هذا الحادث إلى درس عملي يعيد النظر في طرق تعاقد الدولة والوكالات مع شركات الطيران، خصوصاً خلال مواسم الحج والعمرة؟

“المغرب الآن”: إعلام يحرك الملفات

لا يمكن إغفال أن تقرير “المغرب الآن” كان له وقع قوي في تسليط الضوء على هذه الأزمة، عبر نقل شهادات موثقة من ضحايا الإهمال، ودفع مؤسسات الدولة إلى التحرك الفوري.

هذا التفاعل يبرز دور الصحافة في أداء وظيفتها الرقابية والإنسانية، ويطرح تساؤلاً أوسع: أين كان الإعلام الرسمي؟ ولماذا ترك الفراغ لتملأه المعاناة؟

خلاصة: البيان التوضيحي للقنصلية خطوة ضرورية، لكنه لا يُعفي باقي المتدخلين من المسؤولية. ما جرى في مطار جدة ليس مجرد تعثر لوجستي، بل مرآة عاكسة لاختلالات في منظومة التأطير والسفر، يستدعي معالجة جذرية، لا ظرفية.

هل تكون هذه الأزمة بداية لمراجعة شاملة لملف المعتمرين؟

وهل تحرك السلطات المغربية قنوات التحقيق والمحاسبة لضمان عدم تكرار هذه “المأساة التنظيمية” مستقبلاً؟