متى نكفّ عن تعليق فشل السياسات الفلاحية على شماعة المطر؟
مرة أخرى، تعود الأمطار لتكون محور النقاش الرسمي حول الوضعية الفلاحية في المغرب، ومرة أخرى نُمنّى ببوادر تحسن موسمي قد يعيد بعض الأمل إلى الفلاحين، وفق ما أعلنه وزير الفلاحة أحمد البواري في مداخلته أمام الغرفة البرلمانية الثانية. لكن، هل يكفي أن تتهاطل بعض الأمطار المتأخرة حتى نطمئن إلى أن كل شيء بخير؟ وهل قدرنا أن نظل، منذ عقود، نُرهن مستقبلنا الغذائي والاقتصادي بنزول الغيث؟
الوزير تحدث عن “موسم فلاحي متغير”، أمطار مبكرة تلتها فترة جفاف امتدت لثلاثة أشهر، ثم عودة للأمطار ابتداءً من مارس، ساهمت في تحسين الغطاء النباتي ووضعية القطيع، كما ساعدت على تحسن مردودية الزراعات الخريفية والربيعية. هذه المؤشرات، وإن كانت إيجابية نسبياً، لا يجب أن تُلهينا عن جوهر الأزمة: هشاشة النموذج الفلاحي المغربي أمام التغيرات المناخية، وتكرار نفس التبريرات مع كل موسم.
هل نملك فعلاً سياسة فلاحية مستقلة عن المزاج المناخي؟
تقرير الوزير أبرز أن المساحة المزروعة من الحبوب لم تتجاوز 3.2 مليون هكتار، وأن الإنتاج المتوقع من الحبوب الرئيسية سيبلغ حوالي 44 مليون قنطار، أي بزيادة 41% مقارنة بالموسم الفارط. هذه الأرقام تبدو واعدة، لكن ماذا تعني فعلياً إذا كانت محكومة بتقلبات الطقس لا بتخطيط علمي واستثمارات ذكية في الزراعة المستدامة؟
الوزير نفسه أشار إلى أن الإجراءات المتخذة شملت بيع 740 ألف قنطار من البذور المختارة، ودعم 1.34 مليون قنطار من الأسمدة، إضافة إلى تأمين 661 ألف هكتار فقط، أي حوالي 66% من المساحة المبرمجة. هذه المعطيات تطرح أسئلة جدية:
-
لماذا لم نستطع، حتى اليوم، توسيع مساحة الأراضي المؤمنة ضد المخاطر المناخية رغم توالي سنوات الجفاف؟
-
أين نتائج برامج التحلية وتثمين المياه المستعملة التي رُصدت لها اعتمادات ضخمة؟
-
هل الفلاح الصغير شريك فعلي في هذا النموذج أم مجرد متلقٍ للمساعدات الظرفية؟