بايتاس يورِّط الحكومة بتصريحاته حول المضاربين والوسطاء المتورطين في ارتفاع الأسعار

0
335

تواجه حكومة الملاياردير “عزيز أخنوش” انتقادات شعبية لطريقة إدارتها أزمة ارتفاع أسعار الغذاء رغم الوعي المجتمعي بتأثيرات الحرب الروسية – الأوكرانية على سلاسل الإمداد العالمية.

وأمام الارتفاع المتصاعد للأسعار يواجه المغاربة ارتفاع الأسعار، بالتقشف وترشيد الاستهلاك يطغيان على السلوكيات الغذائية عند المواطنين.

ووضع بايتاس حكومة رجل الأعمال “عزيز أخنوش” في حرج كبير، حين قال إنه بخصوص موضوع المضاربين والوسطاء، المتسببين في ارتفاع أسعار الخضر والفواكه “لا ينكره أحد”، مضيفا أنه لا يعرف من هم هؤلاء المضاربون وإن كان هناك من يعرفهم فيخبر الحكومة، وتابع “حين نعرفهم يتم اتخاذ “إجراءات المراقبة والصرامة والتتبع في حقهم”.

وحولت هذه التصريحات بايتاس، ومعه الحكومة، إلى مثار للسخرية لدى العديد من المتفاعلين المغاربة عبر منصات التواصل الاجتماعي، إذ لم يقتنع كثيرون بكلام الوزير المنتدب، فمنهم من تحدثوا عن “حماية” ضمنية لهؤلاء المضاربين، وآخرون استغربوا أن يكون البلد الذي تستطيع سلطاته الوصول إلى عناصر التنظيمات الإرهابية بشكل استباقي لا يستطيع محاصرة المضاربين.

وبدت تصريحات بايتاس “مستفزة” للكثيرين، في ظرفية شديدة الحساسية تتسم بارتفاع الأسعار بشكل متزايد في مختلف الأسواق الوطنية، وعدم قدرة الحكومة على ضبطها، باعتراف بايتاس نفسه الذي قال إن “لا أحد ينكر تلك الارتفاعات”، وأن الإجراءات التي قامت بها الحكومة لم تحقق الهدف بالشكل الذي يلبي طموحاتها لأن “المشكلة أعقد بكثير”.

وفي المقابل، فإن عبارة “فشل الحكومة”، التي أغبت بايتاس خلال ندوته الصحفية، كانت الأوسع انتشارا عبر منصات التواصل الاجتماعي، لدرجة المطالبة بإقالتها باعتبارها المسؤولة الأولى عن ضبط الأسواق الوطنية والتصدي للمضاربات والوساطات التي تضاعف من أسعار المواد الغذائية في غمرة أزمة الغلاء، واعتبر الكثيرون أن الوقت قد كان لإجراء تعديل حكومي.

وكان بايتاس قد لخص الإجراءات الحكومية للحد من ارتفاع الأسعار في تكثيف المراقبة ورفع الإنتاج ووقف عمليات التصدير من أجل ضمان تزويد السوق الوطنية بالسلع، على اعتبار أن الهدف هو تحقيق الاكتفاء ونزول الأسعار إلى مستويات معقولة، لكن اعتبر أن محاسبة الحكومة على إدخال ثم إخراج السلع للأسواق غير منطقي، لأن من تجب محاسبتهم هم المضاربون بإجراءات قانونية.

عرفت أسعار أغلب المنتجات الأساسية التي يستهلكها المواطنون المغاربة ارتفاعا كالمواد الغذائية والخضر واللحوم الحمراء، ما ضاعف الأعباء الاجتماعية على الأسر ذات الدخل المالي المحدود بالمدن والقرى.

ورغم التموين العادي والطبيعي للأسواق في عدد من المدن المغربية بمختلف المواد الأساسية ظلت وتيرة الأسعار غير مستقرة، إذ سُجلت الزيادات في الأثمان المتباينة على مستوى بعض المواد غير المقننة والخاضعة للعرض والطلب كالخضر والفواكه الطرية، واللحوم البيضاء والحمراء، حيث اعتبرت فعاليات حقوقية أن هذا الارتفاع يضر بالقدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنات والمواطنين.

وتعالت الأصوات المنادية بتحفيز المستهلكين على ترشيد نفقاتهم، لاسيما في ظل الارتفاع الذي باتت تعرفه أسعار المواد الغذائية. وأقر وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، بأن ترشيد الاستهلاك في هذه الظرفية التي تتميز بارتفاع أسعار الكثير من المواد الأساسية هو أفضل وسيلة لمواجهة موجة الغلاء.

وأفادت المندوبية السامية للتخطيط مؤخرا بأن مؤشر التضخم ارتفع بـ4.4 في المئة خلال نهاية أبريل الماضي على أساس سنوي، ويتوقع بنك المغرب أن يرتفع التضخم إلى 4.7 في المئة برسم السنة الجارية.

وانتقلت قنوات محلية إلى سوق الخضر بالتقسيط، وسألت (أحد البائعين الدائمين) عن مستوى البيع ليؤكد أن الزبائن الدائمين قلصوا الكمية التي كانوا في العادة يشترونها، وذلك بسبب الغلاء حيث أن الرجل الذي كان يقتني 3 كيلوغرامات من البصل والطماطم والبطاطس أصبح يشتري ربع كيلوغراما من المادة دون أن يلتفت إلى خضر أخرى يمكن اعتبارها من الكماليات في المطبخ في الوقت الحالي.




وأكدت السيدة عائشة (ربة بيت) “أننا لم نعهد هذا الغلاء من قبل فقد كانت الزيادات في وقت سابق تنحصر في مادة أو اثنتين يمكن الاستغناء عنهما، أما الآن فنار الغلاء طالت كل شيء من الزيت واللحوم إلى الحليب والخضر التي كنا نعتبرها صديقة البيت المغربي مثل البطاطس والطماطم والفلفل والبصل”.




واعترف نزار بركة، وزير التجهيز والماء، في تصريحات صحفية بأن “الحكومة تحس بمعاناة المواطنين المغاربة جراء هذه الأزمة، وبأن الوضعية بلغت مستويات صعبة وتفوق قدرة تحمل المواطن”، مشيرا إلى أن الحكومة اتخذت تدابير لضمان وفرة المواد الاستهلاكية، ومن بينها إلغاء الضريبة على القيمة المضافة ووقف استيفاء الرسوم الجمركية على استيراد الأبقار الموجهة إلى الذبح، للمساهمة في انخفاض أسعار بيع اللحوم بالتقسيط وليكون هناك تحسن قبل حلول شهر رمضان.

وأوضح لحسن دحماني (باحث في علم الاجتماع) في تصريح صحفي أن “المدخول الشهري يتأثر بطريقة ونمط الاستهلاك داخل الأسر المغربية وأيضا طريقة تدبير البيت في ظروف الغلاء، فإذا كانت المرأة المغربية منساقة وراء الاستهلاك التفاخري وعدم قدرتها على التدبير العقلاني لموارد الأسرة الشهرية، ستؤدي هذه الوضعية في ظروف مثل التي يعيشها المغرب حاليا إلى معاناة جميع أفراد الأسرة، وستدفعها بالضرورة إلى التقشف في بعض المواد التي قد تنهك الميزانية”.

ولمواجهة تداعيات الغلاء على الأسر المغربية طالب علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، في تصريح صحفي الحكومة “بزيادة الأجور وتحسين الوضع المعيشي للطبقة العاملة، وإعادة توزيع الدخل لتحقيق العدالة الاجتماعية، والإسراع في إخراج السجل الاجتماعي الموحد إلى حيز الوجود من أجل رصد دقيق للفئات ذات الدخل المحدود والفقيرة، وحماية الفئات الأكثر تضررا، وتوفير الدعم العام لتعويض الفئات الهشة والفقيرة في إطار سياسة شاملة للتغطية الاجتماعية”.

وأمام موجة الغلاء العالمية تؤكد الحكومة المغربية أنها تقوم بما يلزم من خلال دعم غاز البوتان والسكر والدقيق.