استطلاع: 20% من الإسبان يعتقدون أن سبتة ومليلية (المحتلتين) ستكونان مغربيتين في ظرف 25 عاماً

0
296

كشفت دراسة استقصائية أجراها معهد رسمي إسباني، أن واحداً من كل خمسة إسبان يعتقد أن سبتة ومليلية ستكونان مغربيتين في ظرف 25 عاماً.

وشمل استطلاع الرأي الذي أجراه معهد الأبحاث السوسيولوجية عينة فاقت 3500 شخص وجرى الكشف عن النتائج، اليوم الجمعة.

وكان هذا المعهد قد ألغى منذ سنوات الأسئلة عن إسبانية المدينتين ولكنه عاد هذه المرة إلى دمجها في استطلاع الرأي العام حول القضايا التي تشغل الإسبان وكذلك نوايا التصويت.

وكشف استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الإسباني للبحوث الاجتماعية (CIS)، عن انقسام في آراء الإسبان حول مستقبل المدينتين الواقعتين في الشمال الإفريقي.

وفي الاستطلاع الذي تناول آراء 3500 شخص، يعتقد واحد من كل خمسة إسبان أن سبتة ومليلية ستكونان جزءاً من المغرب خلال نحو 20-25 عاماً.

ويؤكد أكثر من 15% من المشاركين أن سبتة ومليلية هما في العمق مدينتان مغربيتان في الوقت الراهن، وإن كانتا ضمن السلطة السياسية الإسبانية.

ويرجع هذا الشعور لدى المشاركين إلى عاملين: الموقع الجغرافي، إذ تقع المدينتان المحتلتين شمال المغرب لا في القارة الأوروبية، كما أن نسبة المسلمين من الأصول المغربية تتجاوز 50% من السكان.

ويرى 75% من الإسبان أن سبتة ومليلية المحتلتين رغم أنهما في أفريقيا و”وليس في أوروبا”  أراضٍ إسبانية لا نقاش بشأنهما مثل مالقا (مقاطعة الأندلس) أو كورونيا (مقاطعة غاليسيا) ، وهذا قياس مع الفارق .

فما هي حكاية مدينتي سبتة ومليلية؟

تبدأ قصة سقوط المدينتين مع ضعف إمارة بني الأحمر في غرناطة في القرن الخامس عشر الميلادي، ليحتل البرتغاليون سبتة عام 1415، ثم سقطت مليلية في يد الأسبان عام 1497، وظلت سبتة تحت الاحتلال البرتغالي حتى عام 1580 عندما قامت أسبانيا بضم مملكة البرتغال.

سبتة ومليلية

وحول مستقبل المدينتين المحتلتين يرى 20% من الإسبان المشاركين في الاستطلاع، أنهما ستصبحان مدينتين مغربيتين نحو عام 2040، في حين يؤكّد 53% أن وضع المدينتين المحتلتين لن يتغير، فيما ليس لدى النسبة الباقية، وهي قرابة 26%، رؤية واضحة بشأن مستقبليهما.

يمثل الجيبان الإسبانيان الصغيران سبتة ومليلية المحتلتين الحدود البرية الوحيدة بين أوروبا وإفريقيا، ما يجعلهما نقطتي جذب للمهاجرين التائقين للذهاب إلى أوروبا.

وفوجئت إسبانيا الشهر الماضي بتدفق آلاف الأشخاص إلى سبتة دون أن يحرك حرس الحدود المغربي ساكنا.

جرى ذلك في خضمّ أزمة دبلوماسية بين المغرب وإسبانيا إثر استقبال الأخيرة زعيم جبهة البوليساريو الصحراوية إبراهيم غالي للعلاج من مضاعفات إصابته بفيروس كورونا، واُعتبر اختراق الحدود على نطاق واسع على أنه إجراء عقابي من الرباط.

ولا يزال التوتر يشوب العلاقات الثنائية رغم مغادرة غالي لإسبانيا منذ 2 يونيو/حزيران.

وكان وصول أكثر من عشرة آلاف مهاجر كثير منهم قصّر، إلى سبتة في منتصف مايو/أيار قد شكّل ذروة أزمة كبيرة بين الرباط ومدريد.

واندلعت الأزمة الحادة بين الجارين بعد إدخال زعيم جبهة بوليساريو إلى مستشفى في إسبانيا. وتؤكّد الرباط أنّه دخل الأراضي الاسبانية قادما من الجزائر “بشكل احتيالي وبوثائق مزورة وهوية منتحلة”، داعية إلى تحقيق “شفّاف” في ظروف استقباله، بينما تشدد مدريد على أنه تمت استضافته “لأسباب إنسانية”.

وكان المغرب أعلن مطلع يونيو/حزيران أنه مستعد للتعاون مع الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي “من أجل تسوية نهائية” لمشكلة المهاجرين القاصرين الذين لا يرافقهم بالغون في البلدان الأوروبية.

سبتة

تقع مدينة سبتة على الساحل المغربي عند مدخل البحر المتوسط على مضيق جبل طارق، وتبلغ مساحتها 20 كيلومترا مربعا، وتعدادها حاليا 77 ألف نسمة. ونظرا لموقعها الاستراتيجي المتميز، سيطر عليها الرومان في عام 42 بعد الميلاد، وبعد ذلك بنحو 400 عام طردت قبائل الفاندال الرومان من المدينة. ولاحقا، سيطر عليها البيزنطيون، ثم القوط القادمين من أسبانيا.

وكانت سبتة قاعدة الغزو الإسلامي بقيادة طارق بن زياد لأسبانيا، عندما غير حاكمها القوطي، جوليان، موقفه وحث المسلمين على غزو أسبانيا. وبعد سقوط الخلافة الأموية، سادتها الفوضى حتى سيطر عليها المريدون، واتخذوها أيضا قاعدة للهجوم على الأندلس عام 1084.

واستمر تغير السيادة على المدينة حتى احتلها البرتغاليون عام 1415، بقيادة الأمير هنري البحار، الذي كان يهدف إلى القضاء على نفوذ المسلمين في المنطقة، ثم أصبحت المدينة أسبانية عندما تولى الملك الأسباني، فيليب الثاني، عرش البرتغال عام 1580. وبعد اعتراف أسبانيا باستقلال البرتغال، تنازلت الأخيرة بمقتضى معاهدة لشبونة عام 1668 عن سبتة لأسبانيا. 

وبعد استقلال المغرب عن أسبانيا وفرنسا عام 1956 احتفظت أسبانيا بسبتة، التي أصبحت إقليما يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1995.

مليلية

تقع مليلية في شرق المغرب، قرب الحدود الجزائرية، قبالة الساحل الجنوبي لأسبانيا. وتزيد مساحتها على 12 كيلومترا مربعا، وتعدادها حاليا 70 ألف نسمة. وكانت في الأصل قلعة بُنيت على تلة مرتفعة، وتبعد 500 كيلومتر عن السواحل الأسبانية، ولذلك فهي أكثر تأثرا بالثقافة المغربية، وعدد المغاربة الذين يعيشون فيها أكثر من أولئك الذين يعيشون في سبتة.

وكانت القوات الأسبانية في مليلية أول من تمرد على الحكومة اليسارية في مدريد، أثناء الحرب الأهلية الأسبانية التي اندلعت عام 1936، واستمرت حتى عام 1939.

وظلت مليلية جزءا من إقليم ملقة الأسباني حتى 14 مارس/آذار عام 1995، عندما أصبحت إقليما يتمتع بالحكم الذاتي.

وكان المسلمون في المدينتين قد ثاروا عام 1985 احتجاجا على “قانون الأجانب” الذي طالب كل الأجانب في أسبانيا بادراج أسمائهم لدى السلطات أو يتعرضون للطرد.

ويصل معدل البطالة بين المغاربة في المدينتين إلى أكثر من 30 في المئة، وهو من أعلى معدلات البطالة في أسبانيا. كما تجذب المدينتان الآلاف من التجار والعمالة اليدوية من الأراضي المغربية الذين يعبرون الحدود يوميا من المغرب لكسب رزقهم في هذين الجيبين.

محاولات استرجاع الجيبين المحلتين

حاول المغاربة مرارا استعادة المدينتين، وكانت أبرز هذه المحاولات بقيادة مولاي إسماعيل في القرن السادس عشر الميلادي، إذ حوصرت مدينة سبتة لفترة طويلة لكن دون جدوى. كما حاول مولاي محمد بن عبد الله عام 1774 محاصرة مدينة مليلية دون أن يتمكن هو الآخر من تحريرها.

واستمرت محاولات المغاربة لاستعادة المدينتين في القرن العشرين، وذكرت بعض المصادر التاريخية أن الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، قائد ثورة الريف، كان في وضع عسكري يسمح له بدخول مدينة مليلية ولكنه أحجم عن ذلك.

وتطالب الرباط، منذ استقلال المغرب عن فرنسا وأسبانيا، بمدينتي سبتة ومليلية وبعض الجزر الصغيرة قبالة الساحل الأفريقي، مثل الجزر الجعفرية (إشفارن بالأمازيغية أو شفاريناس بالأسبانية).

وفي عام 2002، طرد الجيش الأسباني قوة من الشرطة المغربية من جزيرة برجيل المقابلة لسبتة، والتي يطلق عليها المغاربة اسم جزيرة ليلى.

وأثارت زيارة ملك أسبانيا السابق خوان كارلوس لسبتة في نوفمبر/تشرين ثاني عام 2007 غضب المغرب، ودفعته إلى تجديد مطالبته بالسيادة على المدينتين.

لكن في يوليو/تموز عام 2015، أعلن رئيس الحكومة المغربية حينئذ عبد الإله بنكيران أن الوقت لم يحن بعد للمطالبة باسترداد مدينتي سبتة ومليلية. ودعا الفرقاء السياسيين إلى الابتعاد عما وصفه بالمزايدات السياسية في هذه القضية، مشيرا إلى أن أسبانيا شريك اقتصادي مهم للمملكة.

واعتبر بعض المحللين أن السبب في تغير موقف الرباط في هذه القضية هو عدم قدرتها على فتح جبهتين في وقت واحد؛ الأولى في الجنوب ضد جبهة البوليساريو والجزائر، والثانية في الشمال ضد أسبانيا.