دعا فريق حزب “العدالة والتنمية” (معارضة) بمجلة النواب، لتشكيل مهمة استطلاعية لبرلماني الحزب مؤقتة، للوقوف على العمل اليوم بالمراكز الاستشفائية الجامعية المغربية، و “الأوضاع المهنية والتكوينية بممارسات يصفها الأطباء المقيمون والداخليون بأنها تدخل ضمن خانة سوء المعاملة”.
ووجه عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية، إلى رئيس لجنة القطاعات الاجتماعية، طلبا من أجل تشكيل مهمة استطلاعية مؤقتة حول ظروف عمل الأطباء الداخليين والمقيمين، بالمراكز الاستشفائية الجامعية، أثناء اجتيازهم فترات تدريبهم وتكوينهم التطبيقي.
وشهدت المراكز الاستشفائية الجامعية في مدن الدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش وأكادير ووجدة وفاس، اليوم الأربعاء، وقفات احتجاجية مع حمل الأطر الطبية للشارة السوداء، فيما طالب المشاركون بفتح تحقيق في ظروف انتحار الطبيب المقيم بمصلحة جراحة المسالك البولية في سنته الختامية، ياسين رشيد.
https://www.youtube.com/watch?v=GV-FSbi7E0s
وفاة الطبيب المغربي الشاب، الذي كان قيد حياته يعمل طبيباً مقيماً بالمستشفى الجامعي “ابن رشد” بالدار البيضاء، بالموازاة مع متابعته دراسته في السنة الختامية-تخصص جراحة المسالك البولية-بكلية الطب والصيدلة بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، أثارت ردود فعل مستنكِرة ومندّدة بالأوضاع المهنية والتكوينية، وبممارسات يصفها الأطباء المقيمون والداخليون بأنها تدخل ضمن خانة “سوء المعاملة”.
وقد صرّح مصدر مقرّب من عائلة الطبيب المنتحر ياسين رشيد، نقلاً عن صحيفة “هسبريس” المغربية، بأن “ذهاب ياسين إلى فرنسا من أجل تدريبه هناك، جاء هرباً من معاناة كانت تعرّضه لضغط وترهيب وتحرش نفسي وصلت حد منعه من التكوين التطبيقي في قاعة العمليات الجراحية”.
و اشار النائب البرلماني ورئيس الفريقي ، غعبد الله بوانو، إلى أن المؤسسات الاستشفائية الجامعية، تلعب دورا محوريا في المنظومة الصحية الوطنية، سواء تعلق الأمر بالعلاجات او التكوين الطبي والشبه الطبي، والتكوين المستمر والبحث العلمي، رغم الإكراهات المادية والبشرية، منوهة بالأساتذة الذين يؤدون رسالتهم تجاه مرضاهم وتلامذتهم بكل تفان وإخلاص، ومشيرة إلى أن مجموعة من السلوكيات المنتشرة ببعض المصالح التابعة لها تؤثر سلبا على سمعتها، وعلى جودة الخدمات المقدمة بها سواء على مستوى تكوين طلبة الطب والتمريض والأطباء الداخليين والمقيمين أو على مستوى التطبيب بشكل عام.
وأكد أن طلب المهمة الاستطلاعية، جاء على إثر أن واقعة انتحار الطبيب الشاب ياسين رشيد، تحيل إلى مناقشة المنظومة القانونية للتكوين الطبي، التي أصبحت حسب الوثيقة المذكورة، متجاوزة، فيما يخص تحديد علاقة الحقو ق والواجبات لكل طرف بين المتدربين والمؤطرين، خاصة أثناء فترات التكوين والتدريب بالمؤسسات الاستشفائية، وهو ما يطرح العديد من التحديات امام الطلبة الجدد والأطباء المتدربون باعتبارهم الحلقة الأضعف، حسب وصف الوثيقة ذاتها، مما يعرضهم لكل أشكال الابتزاز والاحتقار والتحرش من طرف بعض الرؤساء.
ووضع الطبيب المقيم طبيب بمصلحة جراحة المسالك البولية بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، حدا لحياته بداية شهر شتنبر، بسبب “ضغوطات العمل” حسب أقاربه وزملائه، وتعرضه لجميع أشكال الظلم والتنكيل بشكل الممنهج من طرف أحد الأساتذة.
وكان خبر انتحار الطبيب المقيم الخميس الماضي، في غرفته بأحد المستشفيات في العاصمة الفرنسية باريس حيث كان يجري تدريباً، قد خلّف حزناً كبيراً في صفوف زملائه في المستشفى الجامعي ابن رشد في مدينة الدار البيضاء وفي باقي المراكز.
من جهته رئيس جمعية الأطباء المقيمين في المستشفى الجامعي ابن رشد بمدينة الدار البيضاء، علاء العيساوي،في تصريح صحفي لموقع “العربي الجديد “، إن “ما وقع يدفعنا كأطباء للتساؤل عن الأسباب الحقيقية التي دفعت زميلنا إلى الانتحار”، لافتاً إلى أن “الراحل عانى من ضغوطات كبيرة”.
بالمقابل، طالب الكاتب العام للجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين في المغرب، إلياس الخاطب، في حديث مع “العربي الجديد “، بـ”تحقيق شفاف ونزيه وشامل في الواقعة، وفتح نقاش جدي ومسؤول بين الأطراف المعنية كافة حول ضغوط نفسية وتحرشات ومعاملات لا إنسانية حاطة من الكرامة تتعرض لها شريحة كبيرة من الأطباء المقيمين والداخليين بمراكز استشفائية جامعية عديدة”.
في غضون ذلك، عبّرت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب، عن أسفها الشديد على “الوضع الصعب الذي كان يعيشه الراحل خلال تكوينه وكذا ظروف وملابسات وفاته”، مؤكدة تضامنها غير المشروط ودعمها الموصول لعائلة الفقيد في كل ما يزعمون تبنيه في هذا السياق”.
واستنكرت اللجنة، في بيان لها، كل “فعل وأسلوب مشين من شأنه الضغط النفسي، والإكراه البدني للطلبة والأطباء خلال تكوينهم، وكل أشكال التعسف والابتزاز داخل وخارج أماكن العمل والتي تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، إذ لا تمت بأي صلة لجوهر المستشفى الجامعي والكلية العموميين بالمغرب، إذ يجب أن تكون وتظل مراكز العلم والرقي والإنسانية”.
وعبّرت عن عزمها على مواصلة العمل مع جميع الشركاء من أجل توفير بيئة مهنية سليمة وإنسانية للطلبة الأطباء ووضع آليات فعلية للتواصل معهم ودعمهم خلال تكوينهم.
إلى ذلك، دخل مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) على الخط، بعد أن وجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار (المعارض) سؤالاً كتابياً إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب، عن ظروف وملابسات انتحار طبيب بالمركز الاستشفائي الجامعي في الدار البيضاء.
وتساءلت البرلمانية المغربية: “كيف لأطباء في طور الدراسة وأطباء في طور التخصص يعيشون ضغوطات يومية من طرف مؤطريهم، أن يكونوا أطباء متوازنين، وقادرين على التكفل العلمي والنفسي بمرضاهم بعد تخرجهم؟”.
واعتبرت البرلمانية أن “من شأن ما يجري، أن يهدد سلامة التأطير الطبي ككل، والمشروع المجتمعي المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية التي يعلق عليها المغاربة آمالاً كبيرة”.
وكان شقيق الطبيب المنتحر قد اعتبر، في بيان أصدره أمس الثلاثاء، أن ما جرى لشقيقه “لا يمكن أن يمر دون حساب وترتيب العقوبات القانونية”، معلناً أن الأسرة ستسلك جميع المساطر الإدارية والقانونية من أجل متابعة الفاعل.