وشدد على أن هذه القيم الوطنية الجامعة الدينية الروحية والوطنية والقيم المبنية على التضامن والتماسك، المكرسة دستوريا، يجب التشبث بها بالنظر لأدوارها في ترسيخ الوحدة الوطنية والتماسك العائلي وتحصين الكرامة الإنسانية وتعزيز العدالة الاجتماعية في عالم متقلب يتراجع فيه دور القيم ومرجعيتها.
وشدد الخطاب الملكي التأكيد على دور القيم التي تتعايش في التجربة المغربية مع الانفتاح على القيم الكونية، بما تمثله من “مشترك إنساني” وهي القيم تم اختبارها في لحظة زلزال الحوز وأبانت عن قدرتها على إخراج البلاد من تداعيات الكارثة الطبيعية بل وكفلت تطلعها إلى مرحلة ما بعد الزلزال للبناء وإعادة الإعمار.
وقد ولدت تلك القيم قوة معنوية سمحت بتجاوز الأزمة وجعلت المغاربة بالرغم من هول الكارثة وكلفتها البشرية والمادية، ينظرون إلى المستقبل بكل ثقة وتفاؤل. وإذا كانت القيم التي يحملها المغاربة ويعبرون عنها عديدة، فيمكن التوقف عند القيم الجامعة التي تميز المملكة في سياق عالمي وإقليمي متقلب، فقدت فيه العديد من الدول بوصلة إدارة مجتمعاتها، ودخلت في كثير من الأحايين في “صراع للهويات”، أو في مرحلة للانكفاء على الذات ومحاربة الآخر.
ويمكن التمييز من داخل هذه القيم الوطنية الجامعة بين القيم الدينية والروحية التي ترعاها إمارة المؤمنين بمقومات: المذهب السني المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف على طريقة الجنيد السالك. هذه القيم الروحية، سمحت بميلاد إسلام وسطي بخصائص الانفتاح والاعتدال ورحابة مساحات الاجتهاد والقدرة على تجديد النص الديني وتمكين الفتوى من أن تعيش في زمنها وعصرها. هذا الإسلام الذي نشأ في الغرب الإسلامي، سمح بتعايش الثقافات والديانات وولد تجربة فريدة للعيش المشترك بين المسلمين واليهود داخل المملكة.
وشدد الخطاب الملكي على القيم الوطنية التي تأسست عليها الأمة المغربية في صدارتها التلاحم القائم بين الملك والشعب المبني على آصرة البيعة المتبادلة والإجماع على العرش وعلى القائم عليه بالإضافة إلى “الوحدة الترابية” التي شكلت تاريخيا عنصر ا محددا للوطنية المغربية.
وتضم القيم الوطنية كذلك قيم التضامن والتماسك الاجتماعي وهي القيم التي تشمل الفئات والأجيال والجهات وتجعل البناء الاجتماعي والمجالي قويا قوامها تحصين الأسرة المغربية من خلال إصلاح مدونة الأسرة وتقديم الدعم المباشر للأسر المحتاجة والهشة.
وفي إطار هذه القيم الوطنية أيضا تظهر قدسية الأسرة والروابط العائلية باعتبار الأسرة الخلية الأساسية للمجتمع، فإن هذا الأخير لن يكون صالحا، إلا بصلاحها وتوازنها. وفي تفكك الأسرة يفقد المجتمع هويته، لذلك عمل العاهل المغربي على تحصين الأسرة بالمشاريع والإصلاحات الكبرى (مدونة الأسرة، الدعم الاجتماعي المباشر).
وقدم الخطاب الملكي نموذجا معبرا للقيم الوطنية من خلال مثال الأسرة وما تعنيه بالنسبة للروابط العائلية وللمجتمع، مما سمح بربط الخطاب الملكي لافتتاح السنة التشريعية مع الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة بشأن مراجعة مدونة الأسرة. وهو مثال يراد منه: