قالت المحامية مُنية بوعلي لرويترز اليوم الخميس إن محكمة تونسية قضت بسجن زعيم المعارضة راشد الغنوشي (82 عاماً)،وهو منتقد بارز للرئيس قيس سعيد، ثلاث سنوات بتهمة تلقي تمويل أجنبي.
وذكرت بوعلي أن المحكمة أصدرت حكما مماثلا على صهره رفيق عبد السلام، وهو قيادي بارز في حزب النهضة، في نفس القضية إضافة الى تغريم الحزب مبلغ 1.1 مليون دولار.
وفي العام الماضي، حظرت السلطات التونسية الاجتماعات في جميع مكاتب حزب النهضة، كما أغلقت الشرطة مقر جبهة الخلاص وهو ائتلاف معارض، في خطوات وصفتها جماعات حقوق الإنسان بأنه حظر فعلي للحزب.
وفي 21 شباط/فبراير الفائت، مثُل الغنوشي أحد المعارضين الرئيسيين للرئيس قيس سعيد، أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في دعوى مقامة ضدّه وتتّهمه بوصف الشرطيين بـ”الطواغيت”. وظل في حالة سراح على ذمة التحقيق.
ويقبع أيضا في السجن منذ العام الماضي سياسيون آخرون يتهمون سعيد بتنفيذ انقلاب بعد حله البرلمان المنتخب والانتقال إلى الحكم بمراسيم. ويواجه هؤلاء تهم التآمر على أمن الدولة.
وينفى سعيد، الذي عزز سلطاته الجديدة في الدستور الذي طرحه في استفتاء شهد إقبالا منخفضا قبل عامين، أن تكون أفعاله انقلابا وقال إنها ضرورية لإنقاذ تونس من سنوات من الفوضى.
ووصف معارضين له بأنهم “مجرمون وخونة وإرهابيون”.
كان الغنوشي في المنفى قبل ثورة 2011، وكان رئيسا للبرلمان منذ انتخابات 2019 حتى حل سعيد المجلس في عام 2021.
وتقبع أيضا عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر، وهي معارضة شرسة لسعيد، في السجن أيضا منذ أشهر بعد اعتقالها أمام القصر الرئاسي. وتتهم موسي سعيد بمحاولة إسكاتها وإبعادها عن السباق في الانتخابات الرئاسية المتوقعة هذا العام.
وتتهم المعارضة وجماعات حقوقية سعيد بفرض حكم فردي سلطوي وسجن أغلب قادة المعارضة وتكميم الصحافة والسيطرة على القضاء.
لكن سعيد الذي يرفض الاتهامات يقول إنه لن يكون دكتاتورا وإنه مُصر على تطهير البلاد من النخبة الفاسدة والفساد الذي استشرى خلال العقد الماضي.
“حملة على المعارضين”
وشنت السلطات حملة اعتقالات واسعة في حق العديد من المعارضين السياسيين بمن فيهم قياديون من الصف الأول في حزب النهضة. ولم يصدر القضاء إلى اليوم بشكل رسمي التهم الموجهة إليهم، لكن الرئيس قيس سعيّد يتهمهم “بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي” ويصفهم “بالإرهابيين”.
وقالت منظمة “هيومن رايتس واتش في بيان إنّ السلطات التونسيّة كثّفت “هجومها على المعارضين وانتقلت إلى تحييد حركة النهضة، أكبر حزب سياسي في البلاد”.
ومنذ كانون الأول/ديسمبر 2022، اعتقلت الحكومة التونسيّة ما لا يقلّ عن 17 عضواً حالياً وسابقاً في الحزب، بينهم زعيمه، وأغلقت مقاره في كل أنحاء البلاد، و”يتعيّن على السلطات الإفراج فوراً عن جميع الموقوفين تعسفاً، ورفع القيود المفروضة على حريّة تكوين الجمعيّات والتجمّع”، وفقاً للمنظمة.
ويتهم الحزب سعيّد الذي غيّر دستور البلاد وأقر انتخابات برلمانية بعد أن حلّ مجلس النواب السابق، بتطويع القضاء “لتصفية الخصوم السياسيين”.
ويسعى سعيّد إلى استكمال مشروعه السياسي القائم على نظام رئاسي معزّز ووضع حدّ للنظام البرلماني الذي أُقرّ إثر ثورة 2011 التي أطاحت نظام زين العابدين بن علي ووضعت البلاد على طريق انتقال ديموقراطي فريد في المنطقة.
ومنذ 25 تمّوز/يوليو 2021 استأثر سعيّد بالسلطات وعدّل الدستور لإرساء نظام رئاسي على حساب البرلمان الذي لم يعد يتمتّع بصلاحيات فعلية.
والغنوشي الذي كان معارضاً شرساً لنظامي كلّ من الرئيس الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، عاد إلى تونس من لندن بعد عشرين عاماً من المنفى، واستقبله في العام 2011 آلاف من أنصار حزبه مردّدين “طلع البدر علينا”.
وتمر تونس بأزمة اقتصادية واجتماعية حادة، ولم تتمكن الحكومة من التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي من أجل تلقي تمويل بقيمة ملياري دولار.