زيارة جلالة الملك المفدى للإمارات تجسد علاقة أخوية متينة ورؤية مشتركة لأبرز القضايا التي تهم البلدين والمنطقة

0
318

بدأ حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس عاهل البلاد حفظه الله ورعاه، اليوم الاثنين، زيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة. وخصص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات حفل استقبال رسمي له، بالقصر الرئاسي «قصر الوطن» في أبوظبي.

وانطلاقاً من مدخل القصر وحتى «بوابة زايد»، قامت فرقة من الخيالة بخفر الموكب الملكي على طول هذا المسار، وهو تقليد يخصص لاستقبال كبار ضيوف دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن «بوابة زايد» حتى «بوابة الحصن»، استعرض موكب الملك محمد السادس فرقاً فولكلورية إماراتية، أدت أغاني ورقصات، ترحيباً بمقدمه.

ولدى وصوله إلى «بوابة الحصن»، وجد صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله في استقباله رئيس دولة الإمارات؛ حيث أدى قائدا البلدين تحية العلم على نغمات النشيدين الوطنيين، قبل أن يستعرض ملك المغرب ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة تشكيلة من القوات البرية والبحرية والجوية الإماراتية، أدت لهما التحية الرسمية.

فمن المرتقب عقد قمة تاريخية بين صاحب الجلالة الملك  المفدى محمد السادس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في أبوظبي اليوم الاثنين، ستشهد التطرق إلى ملفات سياسية واقتصادية كبرى، وتعزيز العلاقات الثنائية وبحث المستجدات الإقليمية والدولية في ضوء تطابق وجهات نظر البلدين تجاه مختلف القضايا، والحرص على التشاور والتباحث بين الجانبين.

وأعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة المغربية أن الملك محمد السادس سيقوم بزيارة رسمية إلى الإمارات ابتداء من الاثنين بدعوة من الشيخ محمد بن زايد.

 

وتأتي الزيارة الرسمية في سياق الدينامية التي تطبع التعاون الثنائي على جميع المستويات، وتأكيدا لعزم الرباط وأبوظبي على السير قدما من أجل تقوية وتنويع شراكتهما على أساس قيم الأخوة الأصيلة والاحترام والتقدير المتبادلين.

وستعطي هذه الزيارة التاريخية، الأولى التي يقوم بها الملك محمد السادس للإمارات بعد انتخاب المجلس الأعلى للاتحاد في 14 مايو/أيار 2022، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسا لدولة الإمارات، دفعة قوية للشراكة القائمة بين البلدين والتي تطبعها أخوة فاعلة وتضامن راسخ .

وتجسد هذا التضامن الفاعل بين البلدين مؤخرا عقب زلزال الحوز الذي هز في 8 سبتمبر/أيلول الماضي عددا من مناطق المملكة، حيث أرسلت الإمارات فريقا للبحث والإنقاذ للمشاركة في عمليات إغاثة ضحايا الزلزال، وهي مبادرة إنسانية تبرز عمق أواصر الأخوة الراسخة التي تجمع قائدي البلدين والشعبين.

وتميزت العلاقات السياسية المغربية الإمارتية على الدوام بالتشاور المستمر وتطابق وجهات النظر بين قائدي البلدين والدعم المتبادل بالمحافل الإقليمية والدولية.

ويؤكد المغرب مرارا على موقفه الذي أعلنه أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر الماضي ، بالدعم “الثابت والدائم” لسيادة الإمارات على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. وعبر المغرب أيضا في يناير 2022، عن إدانته للهجوم الذي شنته جماعة الحوثيين ومن يدعمها، على منطقة المصفح ومطار أبوظبي.

من جانبها، دأبت الإمارات على التعبير عن دعمها الثابت للمغرب ولوحدته الترابية، وهو ما أكدته عقب تصويت أعضاء مجلس الأمن الأممي على القرار 2703، الذي يمدد ولاية بعثة المينورسو لمدة عام.

إلى جانب أن أبوظبي قامت سنة 2020 بافتتاح قنصلية لها بمدينة العيون كأول دولة عربية تقدم هذه الخطوة. التي تحمل الكثير من الدلالات الداعمة للوحدة الترابية للمغرب، ولتعزيز العلاقات المتينة بين البلدين.

وفي نوفمبر من العام نفسه، أعلنت الإمارات عبر وزارة خارجيتها دعمها للتحرك العسكري الذي بدأته المملكة في معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا. وأكد بيان الوزارة على “دعم قرار الملك محمد السادس بوضع حد للتوغل غير القانوني بالمنطقة العازلة للكركرات، بهدف تأمين الانسياب الطبيعي للبضائع والأشخاص”.

وتعمل الرباط وأبو ظبي بشكل دائم على تنسيق مواقفهما بخصوص القضايا الإقليمية والدولية، واعتماد سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة مبنية على مبادىء عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان واحترام سيادتها الوطنية والشرعية الدولية ومحاربة كل أشكال التطرف والإرهاب.

ومكنت هذه السياسة النموذجية البلدين من تأكيد وجودهما كفاعلين رئيسيين في محيطهما الإقليمي وعلى الساحة الدولية.

ووفق مصادر دبلوماسية، فإن الملك محمد السادس يصل إلى الإمارات برفقة وفد وزاري كبير رفيع المستوى، في زيارة هي الأولى للعاهل المغربي إلى منطقة الخليج، منذ زيارته عام 2017، إبان الأزمة الخليجية وسيتم خلالها بحث العديد من القضايا الدبلوماسية، كما ستتم مناقشة القضية الفلسطينية على ضوء الأحداث التي يشهدها قطاع غزة.

وتربط بين المغرب والإمارات علاقات أمنية واستخباراتية رائدة في المنطقة، استفادت من التعاون الاقتصادي والدبلوماسي القوي، حيث أن الامارات تعد أول مستثمر عربي بالمغرب، وأول مستثمر بالسوق المالية للدار البيضاء.

وسجلت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تطورا لافتا منذ سنوات طويلة، وبفضل رؤية مشتركة للتنمية الاقتصادية والتعاون الاستراتيجي، مكنت هذه العلاقات من إرساء شراكة مثمرة وشبكة من التبادل والاستثمارات مفيدة للبلدين. حيث بلغت المبادلات التجارية الثنائية، مستويات متميزة مع نمو مستمر للواردات والصادرات معا.

وتصدر المملكة إلى الإمارات مجموعة متنوعة من المنتجات، مثل المنتجات الفلاحية ومنتجات النسيج والفوسفاط. وفي المقابل، يستورد المغرب العديد من المنتجات الإماراتية، وخصوصا البترولية والكيميائية والتجهيزات الإلكترونية. وتعد هذه الديناميكية ثمرة جهود يبذلها البلدان لإزالة الحواجز الجمركية بهدف تسهيل التجارة الثنائية .

وبحسب أرقام مكتب الصرف، فاقت قيمة صادرات المغرب إلى الإمارات 1.41 مليار درهم (الدولار الأميركي=10 درهم مغربي) خلال سنة 2022، مقابل 494.38 مليون درهم سنة 2018. وخلال النصف الأول من السنة الجارية تجاوزت قيمة الشحنات من المغرب إلى الإمارات مليار درهم.

وبخصوص واردات المغرب من الإمارات فقد ارتفعت وفق معطيات مكتب الصرف، من 7.68 مليار درهم سنة 2018، إلى أكثر من 14.48 مليار درهم سنة 2022 وبلغت في النصف الأول من سنة 2023 ما مجموعه 8.37 مليار درهم.

كما أبدت الإمارات على الدوام اهتماما خاصا بفرص الاستثمار في المغرب، خاصة في قطاعات العقار والمالية والبنيات التحتية. تجسد من خلال ارتفاع حجم الاستثمارات الاماراتية المباشرة في المغرب. فوفقا للإحصائيات تمتلك الإمارات ثاني أكبر حصة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب، بأكثر من 137.43 مليار درهم سنة 2021.

من جهتها، وجدت أغلب المقاولات المغربية في الإمارات أرضية مواتية للاستثمار، ولتوسيع أنشطتها بمنطقة الخليج وكذلك للاستفادة من جاذبية السوق ودينامية بيئة الأعمال. وقفز حجم الاستثمارات المغربية المباشرة في الإمارات بشكل ملحوظ من 525 مليون درهم سنة 2018 إلى 1.55 مليار درهم سنة 2021.

 

وتعتبر الشراكة المغربية الإماراتية قوية في عدة مجالات خاصة الطاقة النظيفة، حيث قدمت الإمارات دعمها المتواصل لجهود المغرب في هذا المجال، وقد رسّخت المملكة المغربية لنفسها مكانةً رائدةً في استخدام الطاقة المتجددة، والتي أصبحت توفر ما يقرب من 40 بالمئة من احتياجات المملكة من الكهرباء

وساهم صندوق أبوظبي للتنمية في تمويل 82 مشروعاً في المغرب بقيمة بلغت حوالي 2.45 مليار دولار أميركي. يضاف إلى ذلك أن شركة “طاقة” الإماراتية، التي أنشأت محطة الطاقة الحرارية في منطقة الجرف الأصفر، تعد المورّد الرئيسي للمكتب الوطني للكهرباء والمياه، حيث تغطي أكثر من 50 بالمئة من الطلب المحلي في المملكة على الكهرباء.

وتعتبر شركة “مصدر” الإماراتية واحدة من أبرز الشركات العالمية في مجال الطاقة المتجددة، وقد أنشأت بشراكة مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، مشروع أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، لتركيب ما يقرب من 20 ألف نظاماً للطاقة الشمسية المنزلية في أكثر من 1000 قرية مغربية.

وعبرت الإمارات عن اهتمامها أيضا بتطوير مشروع محطة “نور ميدلت”، الذي تبلغ قدرته الإنتاجية 800 ميغاواط، والذي يعد أول مشروع محطة هجينة متطورة للطاقة الشمسية في العالم تستخدم مزيجاً من الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة.

وكانت مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين تقتصر في بدايتها على قطاعات محدودة مثل السياحة والعقار، غير أنها اتسعت مع مرور الوقت لتشمل مجالات أوسع، مع تركيز الجهود على جذب المستثمرين الإماراتيين، وتوجيه اهتمامهم نحو قطاعات أخرى كالطاقات المتجددة، والاقتصاد الأزرق والذي يشمل تهيئة وتجهيز الموانئ بالنظر للتجربة التي راكمتها الإمارات في هذا المجال.