عبد النبوي يدعو القضاة إلى توفير شروط المحاكمة العادلة ..البث في المنازعات يعتبر عاملاً من عوامل الأمن والاستقرار

0
134

إن ظاهرة نوم قضايا المواطنين في رفوف المحاكم هي ظاهرة خطيرة تمس كافة المواطنين في المملكة وهي نائشة عن خلل في النظام القضائي لا بد من معالجته. إن الأمن في أي بلد لا يمكن أن يتحقق إذا كانت العدالة ضائعة أو لا تحقق إلا بعد سنوات من الشّد والجذب في المحاكم وعندما تصبح العدالة مطلب عيسر المنال يسيطر الظلم ويضطر الأفراد اللجوء إلى القوة ولأخذ حقهم بأيديهم. ومن هنا كان تحقيق العدالة للمواطنين يرتبط بأمن الناس والعدالة البطيئة هي أقرب إلى الظلم لأن السرعة في البث في المنازعات يعتبر عاملاً من عوامل الأمن والاستقرار والحقيقة أن أهم أسباب بطء التقاضي هي (فشل نظام إدارة الدعاوي – عدم وجود سياسة تشريعية تحمي أمن الخصومة – الإدعاء بالتزوير – عدم سيطرة القضائ على سير الخصومة – العطلة القضائية –  سوء قواعد التبليغ – فساد قواعد تقديم الدعوى – عدم توفر التكنولوجدية الحديثة للقضاة – عدم تطوير أسلوب المحاكم – فساد قواعد الحضور والغياب – فساد مناقشة الشهود – عدم حضور الشهود – عدم إجراء الكشف في الوقت المحدد – انعدام التخصص – 

الرباط – قال محمد عبد النبوي، الثلاثاء، إن هناك تطلعا للاشتغال على تطوير أداء المجلس نحو القيام بدور طلائعي في تنزيل برامج الإصلاح، بحيث  سيكون القضاة فاعلين أساسيين في هذه البرامج.

جاء ذلك في كلمة خلال تسلمه مهام الرئاسة الأولى لمحكمة النقض، والرئاسة المنتدبة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بأن القضاء مستأمن على حقوق وحريات الأفراد والجماعات، وعلى المساهمة في توفير شروط النزاهة والشفافية وتخليق الحياة العامة، مؤكدا على عزمه السعي بكل الوسائل الممكنة والمشروعة إلى تحسيس القضاة بدورهم الدستوري في هذا الإطار.

وأضاف أنه وبعد صدور مدونة الأخلاقيات القضائية ونشرها بالجريدة الرسمية أخيرا، فسيكون تعميمها على قضاة المملكة وتنظيم لقاءات دراسية بشأنها، من بين أول برامجه، باعتبارها مدخلاً لتخليق مهنة القضاء وتحصين القضاة من بعض الممارسات الماسة بشرف المهنة ووقارها.

وأكد أن مهمة التخليق تسائل جميع القضاة، الذين يجب أن يستحضروا بشأنها، المبادئ الأساسية للعدل القائمة على استقلال القضاء وحياده وتجرده، ومراعاة مبادئ العدل والإنصاف، والحرص على نزاهة الأحكام وجودتها، وصدورها في زمن معقول، وتوفير شروط المحاكمة العادلة، وكذا احترام أخلاقيات وأعراف وتقاليد مهنة القضاء، والالتزام بوقارها والحفاظ على شرفها.

ودعا كافة القضاة إلى رفع تحدي الإصلاح والسَّعي إلى استعادة ثقَة المتقاضين وعموم المواطنين في قضائهم، وذلك عن طريق التمسك بمبادئ العدل والإنصاف ونصوص القانون، والتحلي بالقيم والأعراف القضائية والأخلاقيات المهنية، وقواعد النزاهة والشفافية، والتي سيعمل المجلس على التحسيس والتوعية بها وفرضها بقوة القانون.

ووعد عبد النبوي بفتح أوراش متعددة لجعل المجلس يساهم إلى جانب سلطات الدولة، في تطوير دور العدالة وتخليق الحياة العامة، ودعم استقلال القضاء، نحو ما يخدم تشجيع الاستثمار والدفع بمبادرات التنمية والحفاظ على مناصب الشغل وتوفير الأمن والاستقرار وحماية الأشخاص والحقوق والحريات والممتلكات.

ومن جهة أخرى، لفت الرئيس الجديد لمحكمة النقض إلى أن المهام المقبلة للمحكمة تنطلق في ظروف شديدة الصعوبة بسبب إكراهات جائحة كوفيد 19، وتأثيرها على الممارسة القضائية العادية، واعدا تحسين جودة صياغة القرارات وتوفير الاجتهاد القضائي لمحاكم الموضوع ولكافة المعنيين والمهتمين.

كما أكد عبد النبوي على مواصلة البحث عن مقترحات لحلول من أجل التغلب على الكثرة العددية من الطعون بالنقض، مما يسمح للمحكمة بتوفير الوقت اللازم لدراسة الملفات دراسة متأنية تخدم مبادئ العدالة والإنصاف، وتصون حقوق الأطراف، دون المساس بالحق في التقاضي على درجتين المكفول بمقتضى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

يعترض مشروع إصلاح منظومة العدالة عدة تحديات أهمها: هل يستطيع الفاعل العمومي المغربي تنزيل المبادئ المنصوصة دستوريا على مستوى السلطة القضائية بنفس السقف الحقوقي الذي جاء به دستور 2011؟

 من بين التحديات الأخرى بطء تنزيل روح مضامين الدستور فيما يخص آليات عمل الجسم القضائي حيث أن هذا الأخير سيتطلب بعضا من الوقت لاستيعاب عقلية جديدة في آلية اشتغال المؤسسة القضائية.

رهان تقارير المؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية حول المؤسسة القضائية خاصة أن المغرب مازال يعيش حالة احتقان شعبي كبير تمثل في حراك الريف في الشمال المغربي وأيضا احتجاجات منطقة جرادة الاجتماعية  وغيرها من المناطق المغربية أضف إلى دلك حملة المقاطعة الكبيرة للشعب المغربي التي كانت تحمل عدة رسائل للفاعل العمومي دون أن ننسى  مسلسل الاعتقالات والمحاكمات  لمجموعة من الصحافيين والناشطين الحقوقيين مما يعطي انطباع حسب العديد من المراقبين أن القضاء مازال وسيلة فعالة في يد السلطة تستخدمها لردع الأصوات المخالفة لها.

أحد أهم التحديات هو ضرورة تخليق منظومة العدالة وتكريس مبدأ الشفافية وذلك من أجل استرجاع ثقة المواطنين في القضاء وإرضاء انتظارات الرأي العام حول نجاعة القضاء في ضمان الأمن القضائي وانخراطه في ورش الإصلاحات الكبرى للمجتمع المغربي.

وتصف دراسة أعدتها جمعية «عدالة» حول «استقلالية السلطة القضائية بالمغرب» الجهاز القضائي بالبلد، بأنه يعاني من «قصورعلى مستوى سيْر المحاكم، وضعف في النظام القضائي».

في نفس السياق أصدرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في سبتمبر 2010 تقريرا أسود مكونا من 66 صفحة حول القضاء في المغرب، أوردت فيه أن «النظام القضائي المغربي يخضع للتأثير السياسي» لافتة إلى «الميكانزمات التي يتم بها تعيين القضاة، والحركة الانتقالية في صفوفهم، والإجراءَات التأديبية، تجعلهم يتخوفون من الانتقامات السياسية».

وعلى الرغم من تسجيل تقدم ملحوظ لاستقلالية القضاء على مستوى الديباجة بعد دستور 2011، غير أنه واقعيا لا يزال متخبطا في التدخلات الخارجية بسبب التأخر في إصدار قوانين تنظيمية موضوعية، وكذا طغيان الثقافة السائدة الممثلة في التأثير السياسي على القضاة بشكل أو بآخر.