تحليل واستشراف من صحيفة المغرب الآن استنادًا إلى ورقة البروفيسور عبد الله سرور الزعبي – مركز عبر المتوسط للدراسات الاستراتيجية.
في خضم التحولات العالمية المتسارعة، يبرز عام 2025 كمحطة تاريخية قد تشكّل نقطة تحول جديدة في مسار البشرية. لكن، هل نحن فعلاً أمام سنة مفصلية؟ وما الذي يجعلها تختلف عن غيرها؟ هذا السؤال ينطلق من ورقة تحليلية مهمة للبروفيسور عبد الله سرور الزعبي، التي تناولت بالعرض والتحليل الأعوام التي كانت مفصلية في إعادة تشكيل الفكر والنظام العالمي. وفي هذا السياق، نعيد تقديم محتوى هذه الورقة بأسلوب “صحافة النظر”، مع قراءة تحليلية أعمق وتساؤلات ضرورية.
مفاتيح التاريخ: أعوام غيّرت مصير البشرية
عبر التاريخ، برزت أعوام شكّلت محطات انعطافية في الفكر الإنساني، والنظام السياسي والاقتصادي العالمي:
-
776 ق.م: انطلاقة الألعاب الأولمبية الإغريقية التي أسست لفكرة المنافسة الرمزية بين الشعوب.
-
472 م: سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية، إيذانًا بنهاية العصر الكلاسيكي.
-
622 م: الهجرة النبوية، التي دشّنت مرحلة جديدة من بناء الدولة في الحضارة الإسلامية.
-
1492: اكتشاف كولومبوس للعالم الجديد، إيذانًا ببداية الحقبة الاستعمارية.
-
1760: انطلاق الثورة الصناعية الأولى – ظهور الآلة البخارية.
-
1789: الثورة الفرنسية، التي أسقطت الملكية وأطلقت موجات الفكر الليبرالي والحرية.
-
1870: الثورة الصناعية الثانية، واختراع الكهرباء.
-
1914: الحرب العالمية الأولى وإعادة رسم خريطة العالم.
-
1929: الكساد الاقتصادي العالمي.
-
1945: نهاية الحرب العالمية الثانية، استخدام السلاح النووي، تأسيس الأمم المتحدة، وبروز الثنائية القطبية.
-
1970: انطلاق الثورة الصناعية الثالثة (الرقمية).
-
2001: هجمات 11 سبتمبر، وبداية عصر الأمن القومي المقيد للحريات.
-
2011: الثورة الصناعية الرابعة.
-
2020: جائحة كورونا التي غيّرت أنماط العيش وسرّعت الرقمنة.
هذه المحطات تُظهر كيف يمكن لعامٍ واحد أن يعيد تشكيل العالم، فهل سيكون عام 2025 على نفس الشاكلة؟
2025: حرب تجارية وتحوّلات بنيوية
ينطلق عام 2025 على وقع تحولات دولية كبرى، تتجلى في:
-
تصاعد الحرب التجارية بين القوى الكبرى (الولايات المتحدة، الصين، الاتحاد الأوروبي).
-
إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، مع بروز التوجه نحو فك الارتباط الاقتصادي التدريجي بين المعسكرات.
-
تحولات في سلاسل التوريد العالمية، ونشوء مفهوم “الاقتصاد السيادي”.
وترافق هذه التحولات أزمة غير مسبوقة في الديون العالمية، خصوصًا في الولايات المتحدة التي يقترب اقتصادها من حاجز الـ29 تريليون دولار، مقابل ديون عامة تتجاوز 36 تريليون دولار.
شعار “أمريكا أولاً”: هل هو عودة إلى الانعزالية؟
عاد شعار “أمريكا أولاً” بقوة على لسان الرئيس الأمريكي، وهو شعار يعكس تحولاً استراتيجياً عميقاً في السياسات الخارجية والداخلية، يتمثل في:
-
الانكفاء على الذات، ومحاولة معالجة الاختلالات الاقتصادية الداخلية.
-
التحرر من الالتزامات الدولية، مثل الاتفاقات متعددة الأطراف.
-
الضغط على الحلفاء لزيادة مساهماتهم العسكرية والدبلوماسية.
لكن هذا الشعار ليس بجديد، فقد استُخدم سابقًا:
-
في عهد الرئيس وودرو ويلسون (1914)، للتأكيد على الحياد في الحرب العالمية الأولى.
-
على يد حركة أمريكا أولاً في الثلاثينيات، خلال الكساد الكبير، بزعامة الطيار تشارلز ليندبيرغ، المعارضة للتدخل في أوروبا.
-
مع دونالد ترامب (2016-2020)، عبر تطبيق سياسات حمائية وانسحاب من اتفاقيات مثل:
-
اتفاقية باريس للمناخ
-
اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)
-
الاتفاق النووي الإيراني
-
اليوم، يبدو أن إدارة بايدن تعيد تبني نفس التوجه ولكن بلغة مختلفة، تركز على تنافس استراتيجي مع الصين، وأولوية الملفات الاقتصادية المحلية.
العالم في مفترق طرق: تفكك النظام الليبرالي وصعود القومية
تتراجع القيم الليبرالية التي سادت منذ نهاية الحرب الباردة أمام:
-
صعود التيارات القومية والشعبوية.
-
الحمائية الاقتصادية.
-
تراجع الثقة في المؤسسات الدولية.
هل نحن أمام نهاية للنظام العالمي القائم على تعددية الأطراف، وبداية نظام عالمي أكثر فوضوية ومتعدد الأقطاب؟ وهل هذه بداية حقيقية لتحول جديد في قيادة النظام العالمي؟
التحديات الموازية: البيئة، الرقمنة، والأخلاق
إلى جانب التحولات الجيوسياسية، تواجه البشرية تحديات وجودية:
-
التحوّل المناخي: هل ستنجح البشرية في كبح الانبعاثات والوفاء بالتزاماتها البيئية؟
-
الذكاء الاصطناعي والتطور الرقمي: هل سيظل الإنسان في موقع السيطرة أم نحن مقبلون على تجاوز بشري من قبل الآلة؟
-
أسئلة الأخلاق والسيطرة على البيانات: من يملك بياناتنا؟ وهل ثمة إطار عالمي لحمايتها؟