كشف موقع “أفريكا إنتيليجنس”، أن العاهل المغربي والرئيس ماكرون أجريا محادثة هاتفية، الثلاثاء المنصرم،وتطرقا خلاله إلى “سوء التفاهم الحاصل خلال الأسابيع المنصرمة بالإضافة إلى كون سفارتي البلدين بدون سفير منذ شهر أكتوبر المنصرم”، وأوضحت أن المكالمة استمرت لمدة 30 دقيقة.
وقال المصدر نفسه إن ماكرون أعرب للعاهل المغربي عن رغبته في القيام بزيارة رسمية للمغرب، مضيفة أن الملك تفاعل مع ذلك بشكل إيجابي وعبر عن ترحيبه بالرئيس الفرنسي واستعداده لاستقباله، مبرزة أنه لم يجر الاتفاق بين قائدي البلدين على موعد محدد، لكنها أوضحت أن الزيارة ستجري مبدئيا قبل نهاية سنة 2022 أو في بداية عام 2023.
ويأتي ذلك في ظل علاقة متوترة بين البلدين أدت إلى إلغاء زيارة للرئيس الفرنسي إلى المغرب كانت مقررة نهاية شهر أكتوبر الماضي، على الرغم من أنه هو نفسه الذي كان قد أعلن عنها في غشت خلال محادثة عابرة جرى توثيقها بالصوت والصورة مع مواطنين مغاربة مقيمين في فرنسا، مباشرة بعد عودته من الزيارة الرسمية التي قام بها إلى الجزائر.
وتأثرت العلاقات المغربية الفرنسية بقرار باريس “معاقبة” الرباط العام الماضي بتقليص التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف، ردا على ما اعتبرته رفض المملكة استقبال مواطنيها التي ترغب السلطات الفرنسية في ترحيلهم، وبرزت مظاهر هذه الأزمة من خلال نقل سفيرة فرنسا بالمملكة إلى بروكسيل في مهمة جديدة بالاتحاد الأوروبي، في حين عين الملك مؤخرا السفير المغربي في باريس محمد بن شعبون مديرا عاما لصندوق محمد السادس للاستثمار.
وتعد فرنسا ثاني أكبر شريك تجاري للمغرب، بعد إسبانيا؛ إذ أن المغرب هو الوجهة الأولى للاستثمارات الفرنسية في أفريقيا، ويضم أكثر من ألف فرع لشركات ومقاولات فرنسية، وبالمقابل فإن الشركات المغربية المستثمر الأول من القارة الإفريقية في فرنسا، بحوالي 20 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر من إفريقيا، حسب أرقام السفارة الفرنسية.
ولا تنعكس متانة الشراكة الاقتصادية بين البلدين على العلاقات السياسية والدبلوماسية خلال الآونة الأخير، التي تمر فيها علاقات باريس والرباط من “أزمة صامتة” وفق عدة تقارير، وذلك بسبب ملفات مختلفة أبرزها؛ استمرار القرار الفرنسي القاضي بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف، وعدم اطمئنان المغرب لموقف باريس من نزاع الصحراء المغربية وتقاربها الأخير مع الجزائر الدعم للانفصاليين.
وقررت السلطات الفرنسية، شهر سبتمبر 2021، تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس، ردا على “رفض” الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها، وفق ما أعلن عنه الناطق باسم الحكومة غابريال أتال.
وفيما أعادت السلطات الفرنسية العمل بالنسق الطبيعي في إصدار التأشيرات للمواطنين التونسيين، حسب إعلان مشترك بداية سبتمبر الماضي، وعدت باريس الجزائر برفع عدد الطلبات المقبولة، خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون، فيما لا تلوح في الأفق، بوادر قرارات جديدة تخص المغرب.
وسبق أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مباشرة بعد عودته من زيارة رسمية إلى الجزائر، عن زيارة مرتقبة إلى المغرب نهاية شهر أكتوبر الجاري، غير أن الجانبين لم يقدما أي تفاصيل عن موعدها.
وفي خطابه بمناسبة ذكرى “ثورة الملك والشعب”، سبتمبر الماضي، قال صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله : “ننتظر من الدول التي تتبنّى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء أن توضح مواقفها بشكل لا يقبل التأويل”، مشيرا إلى أن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”، في رسالة تمت قراءتها على أنها موجهة إلى فرنسا، بعد إعلان إسبانيا وألمانيا تأييد مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لحلحلة نزاع الصحراء المغربية.
وتقع الصحراء المغربية التي كانت مستعمرة إسبانية، على ساحل المحيط الأطلسي، وتبلغ مساحتها 266 ألف كلم.
وسلط تقرير مجلس الأمن الدولي بتمديد ولاية بعثة المينورسو إلى الصحراء المغربية لغاية نهاية أكتوبر/تشرين الأول من العام القادم الضوء على نجاح الدبلوماسية التي أرسى قواعدها العاهل المغربي الملك محمد السادس ضمن جهود حل النزاع المفتعل سلميا وعبر القنوات الأممية وعلى أساس ثابت وطني غير قابل للتفاوض أو المساومات لا يخرج عن مقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة.
ويضاف القرار الدولي إلى رصيد النجاحات التي تحققها الدبلوماسية المغربية بعيدا عن الضجيج الإعلامي والمزايدات السياسية وبما يتناسب مع الحفاظ على الثوابت الوطنية ومنها مغربية الصحراء التي قال العاهل المغربي إن المملكة تنظر لعلاقاتها الخارجية من خلالها.
وثمن المغرب موقف مجلس الأمن المتعلق بتمديد ولاية بعثة المينورسو وذلك في إطار القرار عدد 2654. وكان المجلس قد دعا الخميس إلى “استئناف المفاوضات” حول نزاع الصحراء للتوصل إلى حلّ “دائم ومقبول للطرفين”، ومدد مهمة بعثة الأمم المتحدة في المنطقة لعام.
ورغم قرار تمديد مهمة الامم المتحدة أعربت الولايات المتحدة التي صاغت نص القرار عن أسفها لعدم تحقق إجماع حول النص الذي حصل على تأييد 13 عضوا، مع امتناع كل من كينيا وروسيا عن التصويت لاعتبارهما أن مشروع القرار “غير متوازن”.
وسعت روسيا حليفة الجزائر الى تقويض القرار حيث برر السفير الروسي في الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي موقفه بأن القرار الذي تم تبنيه “لا يعكس الوضع” في الصحراء المغربية و” بانه “من غير المرجح أن يسهل جهود ستافان دي ميستورا لاستئناف المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة بوليساريو”.
وكان مجلس الأمن قد وجه الدعوة نفسها قبل عام عندما تولى المبعوث الأممي الجديد الإيطالي ستافان دي ميستورا منصبه، وقد سافر الأخير مذاك إلى المنطقة مرات عدة للقاء مختلف الجهات الفاعلة.
ويدور نزاع منذ عقود حول مصير الإقليم الصحراوي بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر المجاورة.
تقترح الرباط التي استرجعت من المحتل الإسباني ما يقرب من 80 في المئة من المنطقة إلى منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها. وتطالب جبهة بوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار عام 1991 لكنه لم يتحقق.