“هيومن رايتس ووتش”تتّهم حرس الحدود السعودي بقتل مئات المهاجرين الإثيوبيين على الحدود مع اليمن..”أطلقوا النار علينا مثل المطر”( مشاهد مؤلم)

0
399

تقرير لـ”هيومن رايتس ووتش” يقول إن حرس الحدود السعودي قتل المئات من المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين، الذين حاولوا عبور الحدود اليمنيّة السعودية، ويطالب بفتح تحقيق مدعوم من الأمم المتحدة.

منظمة “هيومن رايتس ووتش”، تتّهم حرس الحدود السعودي بقتل مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين حاولوا عبور الحدود اليمنية-السعودية بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023.

وقالت المنظمة في تقرير لها، إن عمليات القتل ترتكب في إطار سياسة حكومية سعودية لقتل المهاجرين، وتشكل جريمة ضد الإنسانية.




جاء ذلك وفقا للتقرير المؤلف من 73 صفحة بعنوان “أطلقوا علينا النار مثل المطر: القتل الجماعي على يد السعودية بحق المهاجرين الإثيوبيين على الحدود اليمنية-السعودية”.

وخلص التقرير، إلى استخدام الأسلحة المتفجرة من قبل حرس الحدود السعوديين بشكل واسع النطاق ومنهجي لقتل المهاجرين، وقيامهم بإطلاق النار من مسافات قريبة على مهاجرين آخرين، بينهم نساء وأطفال.

وفي بعض الحالات، كان حرس الحدود السعوديون يسألون المهاجرين عن الطرف في جسمهم الذي يودون أن يُطلق عليه النار، ثم يطلقون النار عليهم من مسافات قريبة.

وكما أطلق حرس الحدود السعوديون، نيران أسلحة متفجرة على مهاجرين كانوا يحاولون الفرار عائدين إلى اليمن.

من جانبه، قالت نادية هاردمان الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في “هيومن رايتس ووتش”: “في هذه المنطقة الحدودية النائية بعيدا عن أنظار العالم، يقتل المسؤولون السعوديون مئات المهاجرين وطالبي اللجوء”.

وأضافت: “إنفاق المليارات على شراء بطولات المحترفين للغولف، ونوادي كرة القدم، وفعاليات ترفيهية لتحسين صورة السعودية ينبغي ألا يصرف الانتباه عن هذه الجرائم المروعة”.

شهادات مروعة

والتقت “هيومن رايتس ووتش”، 42 شخصا، بينهم 38 مهاجرا وطالب لجوء إثيوبيًا حاولوا عبور الحدود اليمنية-السعودية بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023، وأربعة أقارب أو أصدقاء لأشخاص حاولوا العبور خلال الفترة نفسها.

كما حللت المنظمة، أكثر من 350 فيديو وصورة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أو جُمعت من مصادر أخرى، وصور من الأقمار الصناعية تغطي عدة مئات من الكيلومترات المربعة.

ويعيش ويعمل في السعودية قرابة 750 ألف إثيوبي، منهم من هاجر لأسباب اقتصادية، ومنهم من فر جرّاء الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في إثيوبيا، التي ارتُكب جزء منها خلال النزاع المسلح الوحشي الأخير في الشمال.

وفيما وثّقت “هيومن رايتس ووتش” مقتل مهاجرين على الحدود بين اليمن والسعودية منذ 2014، فإن حالات القتل المستهدِفة تعكس تصعيدا متعمدا من حيث عددها وأسلوبها.

وقال مهاجرون وطالبو لجوء، إنّهم عبروا خليج عدن في سفن غير صالحة للإبحار لينقلهم المهربون اليمنيون بعدها إلى محافظة صعدة، الخاضعة حاليا لسيطرة جماعة الحوثيين المسلحة، قرب الحدود السعودية.

فيما ذكر كثيرون أن قوات الحوثيين تعمل مع المهربين، وأضافوا أن تلك القوات كانت تبتزهم أو تنقلهم إلى ما وصفوه بـ”مراكز احتجاز” يتعرضون فيها للانتهاكات حتى يدفعوا “رسوم المغادرة”.

وكانت محاولات المهاجرين لعبور الحدود إلى السعودية، في مجموعات قد تضم ما يصل إلى 200 شخص، منتظمة وتتكرر في كل مرة يعيدهم فيها حرس الحدود السعوديون إلى اليمن.

وأكّد المهاجرون أن مجموعاتهم تغلب عليها النساء وتضم كذلك رجالا، وأطفالا غير مصحوبين بذويهم.

ومن خلال صور الأقمار الصناعية، حددت “هيومن رايتس ووتش”، مواقع لحرس الحدود السعودي تتوافق مع هذه الروايات، كما حددت ما يبدو أنها مدرّعة مضادة للكمائن والألغام، كانت متمركزة من 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022 في أحد مواقع حرس الحدود السعودي، وبدت المركبة مجهزة بمدفع رشاش ثقيل مثبّت في برج على سطحها.

ووصف الأشخاص الذين يسافرون في مجموعات، تعرضهم لهجوم بقذائف الهاون وأسلحة متفجرة أخرى من طرف حرس الحدود السعودي بمجرد عبورهم الحدود.

وكشف من تمت مقابلتهم، عن 28 واقعة استخدم فيها حرس الحدود السعوديون أسلحة متفجرة، فيما قال ناجون إن السعوديين احتجزوهم أحيانا في مراكز اعتقال، حيث بقوا لعدة أشهر في بعض الحالات.

ووصف الجميع مشاهد مرعبة، حيث كان النساء والرجال والأطفال مبعثرين في أرجاء المناطق الجبلية ومصابين بجروح بالغة ومُقطّعي الأوصال، أو جثث هامدة.

وقال أحد الأشخاص: “كنت أتناول طعامي مع أشخاص أراهم قتلى لاحقا. بات التعرف على البعض مستحيلا لأن أشلاءهم متناثرة، في حين شُطر البعض إلى نصفين”.

وكشف تحقيق رقمي، أجرته “هيومن رايتس ووتش”، لفيديوهات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أو أُرسلت مباشرة إلى هيومن رايتس ووتش، وجرى التحقق منها وتحديد مواقعها الجغرافية، عن مهاجرين قتلى وجرحى في المسالك الجبلية وفي المخيمات والمنشآت الطبية. كشف التحليل الجغرافي المكاني عن ازدياد مواقع الدفن قرب مخيمات المهاجرين وتوسيع البنية التحتية لأمن الحدود.

كما حلّل أعضاء “الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي” التابع “للمجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب”، وهو مجموعة دولية من خبراء الطب الشرعي البارزين، فيديوهات وصور تم التحقق منها تظهر مهاجرين مصابين أو متوفين لتحديد أسباب إصابتهم.

وخلص الفريق إلى أن بعض الإصابات أظهرت “أنماطا واضحة تتفق مع انفجار ذخائر قادرة على إنتاج الحرارة والتشظي”، بينما أظهرت إصابات أخرى “خصائص تتفق مع جروح الطلقات النارية”، وفي حالة واحدة، كانت “الحروق مرئية”.

قال الأشخاص الذين كانوا يسافرون في مجموعات صغيرة أو بمفردهم، إن حرس الحدود السعوديين المسلحين ببنادق كانوا يطلقون النار عليهم بمجرد عبورهم الحدود اليمنية-السعودية.

وصف الناس تعرضهم للضرب بالحجارة والقضبان المعدنية على يد الحراس. شهد 14 شخصا تمت مقابلتهم حوادث إطلاق نار من مسافة قريبة أو كانوا أنفسهم ضحايا لها، واستُهدف ستة منهم بأسلحة متفجرة وإطلاق نار، وفق التقرير.

وأكد البعض أن حرس الحدود السعوديين كانوا ينزلون من مواقعهم لضرب الناجين. وقال صبي عمره 17 عاما، إن حرس الحدود أجبروه وناجين آخرين على اغتصاب فتاتين ناجيتين بعد أن أعدم الحراس مهاجرا آخر رفض اغتصاب ناجية أخرى.

دعوة عاجلة للسعودية

قالت المنظمة الحقوقية: “على السعودية أن تلغي فورا وحالا أي سياسة، سواء كانت صريحة أو بحكم الأمر الواقع، لاستخدام القوة القاتلة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء، بما في ذلك استهدافهم بالأسلحة المتفجرة وإطلاق النار عليهم من مسافة قريبة”.

وأضافت: “ينبغي للحكومة التحقيق مع أفراد الأمن المسؤولين عن أعمال القتل والإصابات غير القانونية والتعذيب على الحدود اليمنية وتأديبهم أو ملاحقتهم بحسب المقتضى”.

وأشارت إلى أنه ينبغي للحكومات المعنية دعوة السعودية علنا إلى إنهاء أي سياسة من هذا القبيل والضغط من أجل المساءلة. في غضون ذلك، وعلى الحكومات المعنية أيضا فرض عقوبات على المسؤولين السعوديين والحوثيين الضالعين بشكل موثوق في الانتهاكات الجارية على الحدود.

كما شددت على ضرورة فتح تحقيق مدعوم من الأمم المتحدة لتقييم الانتهاكات ضد المهاجرين وما إذا كانت أعمال القتل ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية.