“توجيهات ملكية طموحة لإصلاح قطاع الصحة: بين مسؤولية الحكومة وتخوفات النقابة من الانتظارية”

0
131

في ظل التحديات الكبيرة التي يشهدها قطاع الصحة بالمغرب، أصدرت النقابة المستقلة لقطاعات الصحة بيانًا يعكس قلقها العميق من السياسات الحكومية التي ترى فيها نهجًا “انتظاريًا”، في مقابل الإصلاحات الملكية التي تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في القطاع.

وقد ركزت النقابة على مطالب أساسية، مثل الشفافية في التعيينات ورفض تسييس المناصب لأهداف حزبية، مع التشديد على ضرورة الحوار الاجتماعي الشامل.

هذا البيان يطرح سؤالًا مهمًا: هل تهدف النقابة فعلاً إلى حماية مصالح القطاع أم تعزز موقعها كفاعل محوري يمثل مهنيي الصحة؟

استقلالية المناصب الحكومية أم رهينة التوجهات السياسية؟

أكدت النقابة في بيانها أن المناصب القيادية يجب أن تعتمد على معايير الكفاءة والمساواة، بعيدًا عن الانتماءات الحزبية والسياسية. إذ تشير إلى أن المسؤولية السياسية على القطاع لا تعني استغلاله لأهداف ضيقة، بل تستدعي تركيز الجهود على تحسين الخدمات الصحية بشكل يخدم مصلحة الجميع.

السؤال الذي يبرز هنا هو: هل يمكن للحكومة أن تحقق فعلاً استقلالية في تعييناتها ضمن هذا القطاع الحيوي؟ وما مدى تأثير التوجهات السياسية على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين؟

الحوار الاجتماعي: هل هناك إقصاء للمهنيين؟

أعربت النقابة عن استغرابها من استمرار ما وصفته بالأسلوب الإقصائي في الحوار الاجتماعي بملف الإصلاحات الصحية، مشيرة إلى غياب مشاركة فعالة للمهنيين في صياغة المشروع الذي يؤثر على مستقبل أكثر من 57 ألف موظف في القطاع.

يأتي هذا الانتقاد في ظل تفعيل قانون الحق في الحصول على المعلومات، الذي اعتبرته النقابة أساسيًا لتحقيق الشفافية وتعزيز الثقة بين الفاعلين في القطاع. فهل ستستجيب الحكومة لهذه المطالب وتوسّع دائرة الحوار، أم أن الإصلاحات تستلزم أسلوبًا أحاديًا يتعارض مع المشاركة الشاملة؟

تحويل المناصب المالية: إجراء ترشيدي أم ضغوط إضافية على الموظفين؟

رفضت النقابة ما ورد في مشروع قانون المالية لسنة 2025، الذي يقترح حذف المناصب المالية الخاصة بموظفي الصحة ونقلها إلى الميزانيات الخاصة بالمجموعات الصحية الترابية. فالنقابة ترى أن هذا الإجراء قد يُحرم العاملين من بعض حقوقهم المكتسبة ويضيف ضغوطًا جديدة على العاملين في الميدان.

السؤال هنا: هل يمثل هذا الإجراء محاولة لترشيد النفقات في القطاع، أم أنه خطوة تحمل تبعات إضافية على الموظفين دون مراعاة كافية لحقوقهم؟

حملة “التدارك التلقيحي”: تقدير لتضحيات الأطر الصحية أم إشكاليات مستمرة؟

أشادت النقابة بتضحيات العاملين في القطاع الصحي خلال الحملة الوطنية للتدارك التلقيحي، معتبرةً أنهم يظهرون دائمًا استعدادًا وطنيًا وتفانيًا كبيرًا في العمل.

ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا: هل سيشهد القطاع تحسينات ملموسة في تقدير هذه الجهود والتضحيات، أم أن العاملين سيظلون يتصدون للتحديات في بيئة تفتقر إلى التحسينات اللازمة؟

الخطابات الملكية الداعمة للإصلاح: استجابة الحكومة أم استمرار للانتظارية؟

في بيانها، استندت النقابة إلى توجيهات الملك محمد السادس، الذي شدد في خطاباته على أهمية توفير الإرادة السياسية والإدارية اللازمة لتطوير القطاع. وهنا تتجدد التساؤلات حول مدى استجابة الحكومة لهذه التوجيهات، خاصة في ظل مطالب النقابة بالالتزام بالشفافية وإشراك المهنيين.

فهل هناك استجابة حقيقية لهذه التوجيهات، أم أن القطاع سيبقى في إطار حلول ترقيعية تعمق الأزمة؟

النقابة بين تعزيز موقعها كممثل للمهنيين وضمان إصلاحات مستدامة

يبدو من البيان أن النقابة تسعى لتعزيز دورها كفاعل رئيسي وممثل لمهنيي القطاع، مبررةً مواقفها بضرورات إصلاح القطاع لصالح الجميع.

إلا أن هذا الموقف يثير تساؤلًا آخر: هل تسعى النقابة لتعزيز موقعها ضمن المشهد الصحي فقط، أم أنها تمارس ضغوطًا حقيقية لضمان تطبيق إصلاحات شاملة ومستدامة؟