شهدت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، التي أُنشئت بموجب القانون رقم 09.08 لحماية حقوق الأفراد تجاه معالجة البيانات، تغييرات جوهرية على مستوى تشكيلتها. جاء هذا التغيير مع تعيين أعضاء جدد في إطار المادة 32 من القانون نفسه، ما أثار جدلًا واسعًا حول مدى استقلالية اللجنة، خصوصًا مع انتماء بعض الأعضاء الجدد إلى أحزاب تشكل الأغلبية الحكومية.
هذا التطور يضع مستقبل حياد هذه الهيئة تحت المجهر، خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقبلة.
تعيينات مثيرة للجدل
أعلن بلاغ اللجنة الوطنية، الصادر أمس الجمعة، عن التغييرات التي شملت ستة أعضاء جدد تم تعيينهم بناءً على اقتراح من رؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية.
اقترح رئيس الحكومة كلًا من عبد العزيز العمراوي ومجيد لحلو، بينما رشح رئيس مجلس المستشارين لحسن ماضي ومحمد بودن. أما رئيس مجلس النواب، فقد اختار زكرياء أولاد وفاطمة السعدي، اللذين ينتميان إلى حزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، وهما حزبان يشكلان جزءًا من الأغلبية الحكومية.
من هم الأعضاء الجدد؟
زكرياء أولاد:
ولد زكرياء أولاد عام 1983 في منطقة أنزا بنواحي أكادير. بدأ مساره الدراسي في ثانوية يوسف بن تاشفين قبل الانتقال إلى فرنسا لدراسة الإلكترونيات. بعد سنة واحدة، غير مساره إلى مجال الإعلاميات، وتابع دراسته في بروكسيل. في عام 2008، أسس أول مقاولاته في مجال الإعلاميات، ليعمل بها لعامين قبل الانتقال إلى أستراليا وسنغافورة حيث قضى عشر سنوات في قطاعات النفط والغاز والتنقيب. عاد إلى المغرب وأطلق مشروعات صناعية في أكادير، وانضم لاحقًا إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، حيث ترشح ضمن لائحة رئيس الحزب ورئيس الحكومة الحالي، عزيز أخنوش.
فاطمة السعدي:
تنحدر فاطمة السعدي من مدينة الحسيمة، وهي من أبرز الشخصيات السياسية في حزب الأصالة والمعاصرة. شغلت منصب نائبة الأمين العام للحزب خلال فترة عبد اللطيف وهبي (2020-2024)، وقادت المجلس الجماعي للحسيمة من 2015 إلى 2021.
حققت حضورًا برلمانيًا في نفس الفترة، وفي أكتوبر الماضي، تم انتخابها عضوة في المكتب السياسي للحزب خلفًا لصلاح الدين أبو الغالي.
إشكالية الاستقلالية: بين القانون والسياسة
ينص الفصل 24 من دستور 2011 على أن “لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة”، وأن “لا تنتهك حرمة المنزل ولا يمكن القيام بأي تفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات المنصوص عليها في القانون”. ومع ذلك، تثير التعيينات الأخيرة تساؤلات حول مدى احترام اللجنة لمبدأ الحياد، خاصة مع الخلفيات السياسية لبعض أعضائها الجدد:
-
هل يمكن للأعضاء ذوي الانتماءات الحزبية ضمان استقلالية قرارات اللجنة؟
-
كيف ستؤثر هذه التعيينات على ثقة المواطنين في نزاهة الانتخابات المقبلة؟
الرهانات الانتخابية وتأثيرها على حماية المعطيات
مع اقتراب الانتخابات التشريعية، تزداد أهمية حماية المعطيات الشخصية لضمان نزاهة العملية الديمقراطية. يُخشى أن يؤدي أي اختلال في استقلالية اللجنة إلى استخدام البيانات بطرق تخدم أطرافًا سياسية معينة. في هذا السياق، تبرز أسئلة جوهرية:
-
هل تملك اللجنة الوطنية الآليات الكافية لحماية المعطيات الشخصية بعيدًا عن التجاذبات السياسية؟
-
كيف يمكن تعزيز الشفافية لضمان حياد اللجنة؟