“الصحراء المغربية تشعل أزمة التأشيرات: هل تقترب العلاقات الجزائرية-الفرنسية من نقطة اللاعودة؟”

0
153

تعيش العلاقات الجزائرية-الفرنسية على صفيح ساخن، مع تصاعد التوترات بشأن “حرب التأشيرات”، وهو الملف الذي بات يعكس هشاشة العلاقة بين البلدين في ظل إرث استعماري معقد ومصالح متضاربة.

الأزمة الأخيرة ليست وليدة اللحظة، لكنها تفجرت بعد الموقف الفرنسي المعلن في يوليوز الماضي، بدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

فهل يُمكن اعتبار هذه التطورات جزءًا من تحول جذري في سياسة فرنسا تجاه المنطقة، أم أنها مجرد مناورة سياسية مؤقتة؟

موقف باريس من الصحراء المغربية.. القشة التي قصمت ظهر البعير؟

أثار إعلان باريس دعمها للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية غضب الجزائر، التي تعتبر قضية الصحراء مسألة استراتيجية. الموقف الفرنسي جاء بمثابة إعلان واضح لتحوّل في سياستها الإقليمية، وهو ما عبّر عنه الرئيس إيمانويل ماكرون خلال زيارته للمغرب، حيث وصف الموقف بأنه “متجذر في التاريخ ويهدف إلى مرافقة المغرب في المؤسسات الدولية”. فهل يمثل هذا الدعم الفرنسي للصحراء المغربية نهاية حقبة التوازن التقليدي في العلاقات الفرنسية-الجزائرية؟

حرب التأشيرات: أداة ضغط أم تصعيد مفتوح؟

تصاعدت الأزمة مع دعوات مسؤولين فرنسيين، مثل وزير الداخلية برونو ريتيللو، لاتخاذ إجراءات حازمة تشمل مراجعة اتفاقية 1968 التي تنظم دخول الجزائريين إلى فرنسا. هذا الموقف يأتي في سياق اتهامات لجزائر بعدم التعاون في استعادة المهاجرين غير النظاميين، ما دفع فرنسا إلى التلويح بخفض أعداد التأشيرات الممنوحة للجزائريين، كما فعلت في 2021.

هل ستستخدم فرنسا هذه الورقة لزيادة الضغط على الجزائر، أم أنها خطوة تكتيكية مؤقتة؟

التوترات الداخلية في الجزائر وتأثيرها الخارجي

الأزمة لم تقتصر على العلاقات الدبلوماسية، بل امتدت إلى الداخل الجزائري مع اعتقال الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، بالإضافة إلى توقيف شخصيات مؤثرة بتهم تتعلق بالدعوة إلى العنف.

هذه التطورات تأتي في وقت تعيش فيه الجزائر ضغوطًا داخلية مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية والسياسية، ما يجعلها أكثر حساسية تجاه أي تحركات دولية تمس مصالحها.

إرث الاستعمار.. هل يمكن تجاوزه؟

لا يمكن فصل الأزمة الراهنة عن الإرث التاريخي بين الجزائر وفرنسا، الذي طالما شكّل نقطة خلاف عميقة. ومع تصاعد التوترات، تتزايد التساؤلات حول إمكانية البلدين تجاوز هذا الإرث لتحقيق شراكة قائمة على المصالح المشتركة بدلاً من الصراعات المتكررة.

أفق الأزمة: ماذا بعد؟

في ظل المواقف المتصلبة من الطرفين، تبرز تساؤلات حول إمكانية احتواء الأزمة أو تصعيدها إلى مستويات غير مسبوقة.

هل ستواصل الجزائر تصعيد خطابها ضد فرنسا كرد فعل على دعمها لمغربية الصحراء؟ وهل ستلجأ باريس إلى مزيد من الإجراءات العقابية، مما قد يعمق الانقسام ويؤدي إلى قطيعة دبلوماسية؟ أم أن هناك مجالًا لتدخل وسطاء لإعادة التوازن للعلاقة التاريخية المضطربة بين البلدين؟

إن تطورات المشهد تشير إلى أن العلاقات الجزائرية-الفرنسية تمر بمنعطف حاسم، قد يحدد مسارها لسنوات قادمة. فهل تستغل الجزائر هذه الأزمة لتعزيز موقعها الإقليمي؟ أم أن مواقفها التصعيدية ستعمق عزلتها؟