المعارضة تتوحد في وجه حزب”التجمع الوطني للأحرار” بدعوى توظيف العمل الخيري لأغراض سياسية !؟

0
264

يزدهر العمل الخيري في المغرب خلال شهر رمضان والدخول المدرسي وعيد الأضحى، كما تزيد الجمعيات الخيرية من وتيرة نشاطها من خلال توزيع الوجبات الغذائية وإقامة موائد الإفطار وتنظيم حفلات الختان الجماعي لأبناء العائلات الفقيرة ، وتوزيرع الأدوات المدرسية وأضحية العيد وملابس. 

ومع اقتراب موعد الاقتراع للانتخابات البرلمانية والبلدية المقررة في 2021 ، المقررة في سبتمبر المقبل، تبرز المؤشرات وإحصائيات سبر الآراء أن الانخراط في الأعمال الخيرية بالأساس أو حتى غيرها من النشاطات المصبوغة بطابع المجتمع المدني قد تكون بداية الطريق نحو الفوز برئاسة الحكومة أو مجلس نواب (البرلمان) والأمثلة على ذلك عديدة ومختلفة بحسب طبيعة النشاط المجتمعي. لا تخيّم المخاوف من تحركات الناشطين في المجتمع المدني، التي تستهدف كسب قاعدة شعبية تتحول في ما بعد إلى خزان انتخابي ينهل منه المرشحون وأحزابهم، على الأوساط السياسية فقط بل تخيّم كذلك على الأوساط الشعبية، في ظل الدعاية لأعمال خيرية بتوظيف موظفين بوزارة الفلاحة والصيد البحري التي يقودها الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، بأنهم يقومون بتوجيه أموال لصرفها في أهداف انتخابية وتخصيص ميزانيات لدعم القطاع الفلاحة لتغطية المصالح الانتخابية لحزب في كل نشاط يهم هذه الجمعية، إلى جانب استفتاء المغاربة حول أبرز مشاغلهم والقضايا التي تهمهم وتطلعاتهم وتوظيف قاعدة بيانات كبيرة لأغراض سياسية ناهيك عن تجنيد جمعيات خيرية مقربة من أحزاب كبرى خدمة للحملات الانتخابية.

وفي هذا السياق، قامت أحزاب محسوبة على المعارضة من كل الأطياف السياسية بتوحيد صفوفها، وإصدار بيان مشترك،  ما وصفتها بـ “ظاهرة التوظيف السياسوي للعمل الخيري والتضامني في استمالة الناخبين”، ودعت السلطات العمومية إلى التدخل لوقفها.

وجاء في بيان مشترك، صدر مساء السبت، وحمل توقيعات أحزاب المعارضة البرلمانية الأصالة والمعاصرة؛ الاستقلال؛ والتقدم والاشتراكية؛  أنها “تجدد رفضها واستنكارها المبدئي لظاهرة التوظيف السياسوي للعمل الخيري والتضامني، كيفما كان مُــيُــولُــهَ السياسي، في استمالة الناخبين، بأشكال بئيسة استقبلها الرأي العام بكثير من السخط والاستهجان”.

واعتبرت الأحزاب الثلاثة،  هذه الظاهرة بأنها “غير قانونية تعتمد على استغلال غير مشروع وغير أخلاقي للبيانات والمعطيات الشخصية للمواطنين والمواطنات”.

ودعت الأحزاب الثلاثة السلطات العمومية من أجل ردع هذه الظاهرة وايقاها، وذلك في إشارة عملية توزيع مساعدات غذائية تقوم بها جمعية مقربة من حزب “التجمع الوطني للأحرار”، خلال شهر رمضان، مستغلة معطيات شخصية للوصول إلى المستفيدين من دعمها.

وسبق للأحزاب الثلاثة بالإضافة إلى حزب الإشتراكي الموحد أن عبروا عن استنكارهم لتوطيف العمل الخيري خلال شهر رمضان لأعراض سياسية وانتخابية، في أفق التحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

من جهة أخرى، قالت الأحزاب الثلاثة إن “المرحلة الحالية تستدعي ديناميةً سياسية جديدةً، ورَجَّــةً إصلاحية كبرى قادرة على إفراز حكومة قوية متضامنة ومنسجمة ومسؤولة، من أجل مواجهة التحديات الداخلية والخارجية لبلادنا”.

وأكدت الأحزابُ الثلاثة على “ضرورة اتخاذ القرارات والتدابير الكفيلة بإحداث مَــناخ عام إيجابي قوامه الانفراج السياسي وصون الأفق الحقوقي، بما يُـــتيح مُصالحةَ المغاربة مع الشأن العام، ويُسهم في الرفع من نسبة المُشاركة، كشرطٍ أساسي لتقوية مصداقية المؤسسات المُنتخبة”. 

العديد من الأحزاب نددت بتوظيف العمل الجمعياتي لغايات انتخابية ورفضت الخلط بين العملين الجمعياتي والسياسي معتبرة أنه تحايل على الناخبين ومحاولات للتلاعب بخياراتهم ثم بأصواتهم.

ولم تكن هذه الأحزاب الثلاثة المعارضة تقوم بالتنسيق فيما بينها على مستوى البرلمان، بسبب خلافات سياسية سابقة جعلت المعارضة البرلمانية مشتتة، وهو أمر يرى عدد من المراقبين أنه أضعف دورها الرقابي. 

وفي رد على سؤال طرحه البرلماني مصطفى بايتاس “أحد المقربين الأوفياء” بخصوص “أشياء قيلت على لسان أمين عام الأصالة والمعاصرة دون ذكر اسمه”، قال أخنوش أمام البرلمان الاثنين إن هناك “من يزرع العمل، وهناك من يزرع الكلام فقط”، مشددا على أن مشاريع وزارته موجودة في كل المناطق والجهات ولا أحد يمكنه إيقافها وستبقى مستمرة حتى آخر لحظة”.

ونوه أخنوش بموظفي وزارته مشددا على أنهم ولفترة 14 سنة كاملة وهم يحملون أعباء القطاع على أكتافهم وعليهم “ألا يهتموا بأي أحد، وأن يستمروا في عملهم”.

ويرى مراقبون أن هذا الأسلوب الاستفزازي هدفه إفقاد الطرف الآخر توازنه بالطعن في مصداقيته ونزاهته، لكسب أكبر عدد من المناضلين داخل الحزب.

يأتي ذلك فيما تتبادل كتل سياسية وأحزاب وشخصيات اتهامات بالفساد، وغيرها من التهم، عبر منصّات التواصل الاجتماعي والتصريحات المباشرة، الأمر الذي يدفع باتجاه خلق أزمات سياسية خطيرة.

وتتهم أطراف سياسية حزب “التجمع الوطني للأحرار” بمحاولات الاستحواذ على أعضاء الأحزاب في مناطق مغربية استعدادا لمعركة الانتخابات المقبلة، دون الكشف عن هوية المنتخبين والبرلمانيين والسياسيين الذين انضموا إلى الحزب.

وحسب رأي عدد من السياسيين فإن السياحة الحزبية في المغرب لعبة غير أخلاقية تُبين مدى تدني الالتزام الحزبي والسياسي بين التنظيم والمنخرط في صفوفه. ويستنتج هؤلاء أنه لا بد من وضع حد للسياحة الحزبية التي تساهم في خلخلة التوازن بين الأغلبية والمعارضة، كما تؤثر سلبا على العمل الحكومي، بالإضافة إلى كونها تكرس العزوف الانتخابي لدى المواطن.

وعرف إقليم تارودانت،، مؤخرا استقالات لقيادات مؤثرة في حزب الأصالة والمعاصرة ، والأمر يتعلق بمستشارين بكل من جماعات الخنافيف وسبت الكردان والمهادي، وقد وجهوا استقالاتهم إلى المنسق الإقليمي لحزب الأصالة والمعاصرة بإقليم تارودانت، دون أن يوضحوا الأسباب التي دفعتهم إلى الاستقالة.

وتأتي هذه الاستقالات الجماعية مباشرة بعد استقالة  القيادي البارز بالحزب ورجل الأعمال المعروف بإقليم تارودانت يوسف الجبهة من هياكل الحزب وانضمامه للتجمع الوطني للأحرار، إلى جانب 25 مستشارا جماعيا ينتمون إلى نفس الحزب، كما شهدت جماعات أخرى سيناريو مشابها، لأعضاء منخرطين بمحليات “التراكتور”. 

وقبل أسابيع قدم عدد من المنتخبين بمجلس الرباط المحلي استقالاتهم من حزب الأصالة والمعاصرة والتحقوا بحزب التجمع الوطني للأحرار احتجاجا على ما أسموه “حرب التزكيات” التي اندلعت داخل الحزب بجهة الرباط على خلفية الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. في وقت كان حزب العدالة والتنمية هو كذلك، قد اهتز على وقع استقالة 10 أعضاء  بجماعة افريجة، ما يؤكد، وفقا لمراقبين، أن “حمى الانتخابات بدأت تشتد مع اقتراب موعدها”.

ويرى مراقبون  أن “الرهان (في الانتخاتبات المقبلة) سيكون على ما هو اقتصادي واجتماعي وليس سياسي، كما كان عليه الحال في انتخابات 2011 و2016، والمؤكد أنه لن يحصل التنافس الحاد الذي كان في الانتخابات السابقة”.

واعتبروا أنه “يوجد حرص على أن نتجه للانتخابات المقبلة بدون رهانات وبدون نقاش سياسي ولا مجتمعي وبدون نقاش للمشاريع الفكرية والمجتمعية”.

وتابعوا: “إن استحضرنا السياق الموضوعي المرتبط بكورونا، والسياق الذاتي المرتبط بالأحزاب السياسية، وأجندة المجتمع المغربي المتعلقة اليوم بالبحث عن القوت اليومي وتحسين الظروف الاجتماعية، فكلها اعتبارات تؤكد أن الانتخابات المقبلة ستكون لضمان شرعية المؤسسات القائمة، وللحفاظ على عرف مغربي هو انتظامية إجراء الانتخابات”.

وفي خضم كل هذا الجدل والنقاش السياسي، يترقب كثيرون نتائج الانتخابات المقبلة للبحث عن إجابات لأسئلة عديدة، لعل أبرزها: هل سيقود “العدالة والتنمية” الحكومة للمرة الثالثة على التوالي أم لا؟ .. وأن المستفيذ من كل ما يجري اليوم في الساحة الوطنية هو حزب “العدالة والتنمية”..