وزير التجهيز والماء يعزو فوز الشركتين تابعتين لرئيس الحكومة “أخنوش”بصفقة 1,5 مليار لأنهما قدما أقل ثمن تاريخياً بالمغرب

0
424

وسط انتقادات شديدة، كشف نزار بركة وزير التجهيز والماء عن مشروع محطة تحلية مياه البحر للدار البيضاء”، بأن الشركتين تابعتين للملياردير ،عزيز أخنوش ، ظفر بصفقة 1,5 مليار لأنهما قدما أقل العروض.

وقال الوزير اليوم الخميس خلال الندوة الصحافية الأسبوعية للحكومة إن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب هو الذي أشرف على العملية، وأن الصفقة تم منحها لمجموعة من المستثمرين الذين قدموا أقل ثمن.

وأضاف أن المبلغ الذي قدمه المستثمرون الذين فازوا بالصفقة هو أقل ثمن تاريخيا في البلد، ويبلغ 4,5 دراهم للمتر المكعب.

فبالمقارنة مع محطات تحلية أخرى، يضيف الوزير، كما هو الشأن في محطة التحلية بأكادير، بلغت الكلفة 10دراهم للمتر المكعب، وفي المشاريع التي أشرف عليها المكتب الشريف للفوسفاط بلغت الكلفة 5,88 درهما للتر المكعب.

وأبرز الوزير أن انخفاض السعر يعزى إلى التوجه نحو استخدام الطاقات المتجددة، وبالتالي حتى محطة الداخلة سيكون الثمن منخفضا، وهو نفس التوجه في المحطات المقبلة، حيث سيتم تقليص التكلفة باعتماد الطاقات المتجددة، موضحا أن العمل بالمحطات الجديدة سينطلق في 2024.

وأشار بركة إلى أن محطات تحلية مياه البحر تأتي في سياق التدابير المتخذة من أجل معالجة أزمة المياه الحادة التي يعيشها المغرب، مؤكدا أنه سيتم التسريع في مشاريع تحلية المياه، خاصة آسفي والجديدة، وتسريع برنامج العديد من المحطات الأخرى، كما سيتم في يناير المقبل انطلاق محطة الدار البيضاء.

وبحسب تحقيق لموقع “الصحيفة”، فإن المشروع الضخم الذي قدرت كلفته الإجمالية بما يزيد عن 16 مليار درهم (1.5 مليار دولار)، جعل العديد من الشركات الدولية والمغربية تتنافس من أجل الظفر بالصفقة.

وأوضح التحقيق أن الشركات المتنافسة هي “Nareva” للطاقة التابعة للهولينغ الملكي “المدى”، و”Afriquia gaz” (أفريقيا غاز) التابعة للمليادير ورئيس الحكومة، أخنوش، الذي دخل، بحسب التحقيق، للتنافس على الصفقة بمجموعته العائلية الخاصة، وبشركة أخرى تحمل اسم “Green of Africa” (أخضر إفريقيا).

وأوردت الصحيفة أن الشركة الأخيرة هي تحالف لثلاث شركات مغربية، وهي “FinanceCom” التي يمتلكها الملياردير عثمان ينجلون، و”AkwaGroup” المملوكة لأخنوش، وهولدينغ “Sofinam“.

وأكد التحقيق أن عملية الانتقاء النهائي لتحديد المجموعة الفائزة بالصفقة، تحوم حولها الكثير من الشبهات بخصوص تضارب المصالح، وعدم استيفاء الشروط التقنية، وتجاوزات أخرى حددها “دفتر التحملات” (ملف شروط) الذي يخص الشركات الراغبة في دخول صفقة مشروع محطة تحلية المياه بالدار البيضاء.

” القادم أسوأ!”.. تحذيرات من الملياردير “أخنوش” رئيس الحكومة فماذا سيحدث؟..خبراء “800 مليون متر مكعب من المياه تصب في البحر”؟!

وتبدأ الضبابية، وفق التحقيق، بعدم تبرير تأجيل اجتماع “مهم للغاية” يخص فتح أظرفة التأهيل المسبق لهذه الصفقة، رغم أهميته بالنسبة للأمن المائي لساكنة جهة الدار البيضاء سطات، وهو التأجيل الذي لم تفسره اللجنة، وهي ذاتها التي تتحمل مسؤولية انتقاء الفائزين بمشروع.

بمعنى آخر، يتابع المصدر ذاته، فإن رئيس الحكومة أصبح خصما في هذه الصفقة من خلال شركتين، واحدة في ملكيته “أفريقيا غاز”، وأخرى مساهم فيها وهي “أخضر إفريقيا”.

وتابعت، وفي الوقت نفسه هو الحكم، نظرا لأنه يترأس التوقيع على الاتفاقيات والتعيينات التي تخص المشروع الذي تقدر قيمته المالية بـ1.5 مليار دولار.

ومن أوجه تضارب المصالح التي وقف عليها التحقيق بالنسبة لرئيس الحكومة، أن المجموعة المتنافسة على الصفقة التي تتواجد ضمنها شركتي “أفريقيا غاز” و”أخضر إفريقيا” ستحسم فيها لجنة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وذكرت الصحيفة أن “هذه اللجنة تقود الحوار التنافسي مع المجموعات المتأهلة في أفق الإعلان عن الفائز بالصفقة خلال يوليو/تموز 2023”.

وأشارت إلى أن هذه اللجنة تشرف عليها نادية فتاح العلوي، بصفتها وزيرة الاقتصاد والمالية، التي يعد رئيسها المباشر هو أخنوش، وهو رئيس الإدارة المغربية، ورئيسها أيضا في حزب “التجمع الوطني للأحرار” الذي ينتميان إليه.

وقالت الفاعلة السياسية والقيادية بنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، حليمة الشويكة، إنها اطلعت على ما ورد في التحقيق الاستقصائي، دون أن يصدر أي تعليق أو تصريح حكومي بشأنه.

ورأت الشويكة لـ”الاستقلال”، أن “عدم الرد أو التفاعل غير غريب عن عادة هذه الحكومة في التعامل مع مختلف القضايا التي يثيرها الإعلام الوطني أو الدولي”.

وفي هذا الصدد، أشارت إلى “عدم تفاعل الحكومة مع ما تعلق باستيراد النفط الروسي بكميات كبيرة، خاصة وأن الصحف الروسية والإسبانية تتحدث عن بورصة للنفط الروسي في شمال المغرب، دون أي رد رسمي”.

وشددت الشويكة على أن “محاولة رئيس الحكومة الاستحواذ على مشروع تحلية مياه البحر بالدار البيضاء أو غيره من المشاريع الكبيرة، يأتي في السياق نفسه، المطبوع بالتكتم والصمت وتبادل المصالح وزواج المال بالسلطة”.

المعارضة الإسلامية تستدعي رئيس الحكومة أخنوش للمساءلة حول “استمرار الاضرابات بقطاع التعليم لأشهر”

وذكرت القيادية النقابية والناشطة السياسية أن “هذه السلوكات المخالفة للفعل السياسي النزيه والمنافسة الحرة، واضح جدا في هذه الحكومة”.

وأكدت أن “زواج المال والسلطة أمر خطير، وأن انعكاساته كبيرة وغير خافية، سواء على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، أو على الشأن العام برمته”.

وشددت على أنه “لا يمكن أن يستقيم قيام مدبر الشأن العام بمهامه الدستورية والقانونية والسياسية، وفي الوقت نفسه يسعى لتحقيق مصالح شركاته”.

ومن هذه الانعكاسات، تقول الشويكة، ما يرتبط بالمجال السياسي، لأن “كل الممارسات في هذه الحكومة تسير في هذا الاتجاه، أي استغلال النفوذ ومراكمة الثروة والزواج بين السلطة والمال”.

ولذلك، “كل محاولات التصحيح أو التعبير عن الرأي المجابه لما يقع يتم قمعها، لأن من يسيطر على السلطة والاقتصاد يسيطر على منافذ الخبر، ويهيمن على الإعلام بشكل مطلق”.

وشددت الشويكة أنه من خلال هذه الهيمنة، تأثر المغرب على مستوى حريات الصحافة لسنة 2023، حيث تذيل ترتيب منظمة “مراسلون بلا حدود”، مؤكدة أن هذا الترتيب هو واحد من نتائج زواج المال بالسلطة.

يُذكر أن المغرب احتل المرتبة 144 من أصل 180 دولة، شملها تقرير 2023، بعد أن فقد 9 مراتب عن سنة 2022، والتي كان يحتل فيها المرتبة 135 عالميا.

وبذل المغرب مجهودا ماليا كبيرا لأجل معالجة الخصاص الذي يعاني منه على مستوى توفير الماء الصالح للشرب.

وبحسب موقع “هسبريس” المحلي، 19 أبريل/نيسان 2023، فإن المغرب، وبفضل قيمة استثمارية إجمالية بلغت 2.37 مليار دولار، احتل المرتبة الأولى على الصعيد الإفريقي والمرتبة السادسة على الصعيد العربي من حيث الاستثمار في مشاريع تحلية مياه البحر.

وقال المصدر ذاته، حسب تقرير حديث لمنصة “BNC Intelligence“، تعد المملكة سادسة دولة عربية تستثمر في إستراتيجيات تحلية المياه للمشاريع الحالية والمستقبلية، حيث تعتمد على سواحلها الأطلسية والمتوسطية الشاسعة لتأمين مياه الشرب الآمنة، بفضل تركيب عدد من مشاريع التحلية.

اليمني: أرباح شركات المحروقات في المغرب 4 دراهم في اللتر..شركات المحروقات تتحدى مجلس المنافسة والدولة؟!

وأورد التقرير أن السعودية والإمارات هما الدولتان الأكثر استثمارا في مشاريع تحلية المياه، نظرا لمناخهما الجاف ومحدودية مواردهما المائية، حيث بلغ إجمالي استثماراتهما 14.58 مليار دولار و10.28 مليارات دولار على التوالي، يأتي بعدهما كل من الأردن ومصر وعمان.

وجاء المغرب في المركز السادس باستثمارات إجمالية 2.37 مليار دولار متقدما على تونس (950 مليون دولار)، والجزائر (210 ملايين دولار)، والكويت (130 مليون دولار).

ووقف المصدر ذاته عند توفر المغرب على 11 محطة في الخدمة، و5 محطات أخرى قيد التشييد تدخل ضمن إستراتيجية محطة التحلية الجديدة، وهي تخص مناطق الدار البيضاء الكبرى وأغادير والجنوب من خلال محطتين في مدينتي العيون والداخلة.

وتعد محطة الدار البيضاء مشروعا ذا أولوية، وستبلغ طاقته الإنتاجية 548 ألف متر مكعب في اليوم أو 200 مليون متر مكعب في السنة.

ويخطط المغرب لبناء ما لا يقل عن 20 محطة لتحلية مياه البحر بحلول عام 2030، بسعة تبلغ 1.3 مليار متر مكعب من المياه سنويا، مخصصة للاستخدامات المختلفة.

وستخصص المياه التي تنتجها هذه المحطات لـ53 بالمئة للشرب، و23 بالمئة للري، و24 بالمئة لقطاع الصناعة.

وخلال تقديمه لحصيلة الحكومة وأهداف مشروع قانون مالية 2023، قال أخنوش، إنه تم رصد ما مجموعه 10,6 مليارات درهم أي حوالي مليار دولار، لتدبير إشكالية ندرة المياه، بزيادة 5 مليارات درهم مقارنة مع سنة 2022.

وأضاف أخنوش، وفق ما نقل موقع “دابا بريس” المحلي، في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2022، خلال جلسة للمساءلة الشهرية بمجلس النواب، إن الحكومة خصصت ميزانية 6 مليارات درهم لمواجهة خطر تعرض أكثر من 10 ملايين نسمة لنقص في مياه الشرب.

وذكر أن حكومته وجدت نفسها وهي تعالج تعثر مشاريع هيكلية، أمام ضرورة إنجاز هذا المشروع في وقت قياسي لا يفوق 10 أشهر.

وتابع أخنوش: “بالإضافة إلى تسريع إنجاز عشرات المحطات الأخرى، منها محطة الداخلة ومحطة العيون التي شرعت في تزويد ساكنة المنطقة بالماء الشروب”.

من جهة أخرى، أكد أخنوش أن تدبير الأمن المائي للمغاربة يحظى بمكانة إستراتيجية عند الدولة، وهو التوجيه الذي جدد الملك محمد السادس التأكيد عليه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية لهذه الولاية.

وأورد أخنوش دعوة الملك، إلى تدارك التأخر الذي عرفته مجموعة من المشاريع الهيكلية لمواجهة إشكالية ندرة المياه، وإلى اعتبار “سياسة الماء” سياسة عمومية تستدعي التزام الجميع “بعيدا عن أي مزايدات سياسية”.

وتعرض أخنوش لانتقادات شديدة من سياسيين بالمغرب بسبب تضارب المصالح الذي يتخبط فيه، بمعية عدد من أعضاء حكومته.

ومن هؤلاء رئيس الحكومة الأسبق، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، في كلمة له خلال احتفالات فاتح مايو 2023 بالدار البيضاء، حيث شكك في قدرة أخنوش على تحرير مادة الغاز، نظرا لاستفادته الشخصية من الدعم العمومي المخصص للمادة، باعتباره الفاعل الأول في قطاع الغاز.

وفي تصريحات صحفية وخلال لقاءات حزبية متكررة، حذرت قيادات سياسية من خطورة هذا التضارب، ومن هؤلاء الأمين العام للتقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، والأمينة العامة للاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، ورئيس مجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، عبد الله بووانو، و”الجمعية المغربية لحماية المال العام” وغيرهم.

كما تطرقت وسائل إعلام دولية في مناسبات عدة، لإشكالية تضارب المصالح التي تقع فيها حكومة أخنوش، ومن ذلك مجلة “جون أفريك” الفرنسية خلال سبتمبر/أيلول 2022، وكذلك صحيفة “لوموند” خلال مايو 2022.