تقرير: يرصد خروقات استغلال موقعي “شوف تيفي وآش واقع” فاجعة سقوط الطفل ريان لرفع عدد المشاهدات وتحقيق الأرباح

0
224

استنكرت نقابة الصحفيين، استغلال بعض وسائل إعلامية مآسي الناس لرفع عدد المشاهدات وتحقيق الأرباح، فبعد إسدال الستار على قضية الطفل المغربي ريان التي هزت مشاعر العالم، وما صاحب ذلك من جدل على مستويات عدة، لا تزال الانتقادات مستمرة لعدم الالتزام بأخلاقيات مهنة الصحافة، جراء “إثارة ممقوتة” اتبعها البعض في تغطية القضية.

الرباط – أصدرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، تقرير رصد عدة خروقات خلال التغطية الإعلامية لحادث سقوط الطفل ريان في بئر عميقة بضواحي مدينة شفشاون، شمال المغرب، وهو الحادث الذي حظي بمتابعة إعلامية كبيرة داخل المغرب وخارجه.

وقالت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الجمعة، في تقرير خاص برصد وتتبع التغطية الإعلامية لحادث الطفل ريان، إن مجموعة من الخروقات شابت عملية متابعة ونقل المواقع الإخبارية لأحداث الواقعة، واضعة سلسلة من التوصيات التي من شأنها النهوض بقطاع الصحافة في المغرب عن طريق تأهيل الصحافيين العاملين به.

وتنوعت الخروقات التي تم رصدها في تغطية الصحف الإلكترونية لفاجعة الطفل ريان، بين مخالفة بنود المسؤولية المهنية والمسؤولية إزاء المجتمع، إذ تجلت المسؤولية المهنية، حسب النقابة، في تداول “العديد من المواقع الإخبارية بثاً حياً بعناوين مختلفة تدعي الوصول إلى الطفل ريان والاقتراب من إخراجه من البئر، وهي أخبار تكررت على مدار الساعة منذ بدء فريق الإنقاذ عملية الحفر حتى لحظة الإعلان عن الوفاة، وبرزت هذه العناوين بكثافة لدى موقعي (شوف تيفي) و(آش واقع)”.

ولفتت النقابة إلى أنه “ترتب عن هذا السلوك تضارب في المعلومات وخلق لبس لدى الجمهور الذي يتابع تطورات الحادثة وطنياً ودولياً، لأنه جرى نقل مباشر لهذه التغطيات على العديد من القنوات الإخبارية العربية، وأبرزها قناة الجزيرة والعربية والغد والعربي”.

كذلك رصدت النقابة، في تقريرها، أن موقع “الجديد نيوز” عمد إلى نشر تسجيل على حسابه في “تويتر” بعنوان “لحظة إخراج الطفل ريان ونقله لتلقي العلاج اللازم”، فيما تبين أن الخبر زائف، وأن التسجيل قديم لا يرتبط بحادثة محاولة إنقاذ الطفل ريان، بل يعود إلى توثيق عملية إنقاذ نفذتها فرق الدفاع المدني العراقية لطفل سقط داخل بئر بعمق 35 متراً في منطقة تازة جنوبي محافظة كركوك، في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2021.

وشددت على أن هذه الممارسات تتنافى مع محور “المسؤولية المهنية” من نص الميثاق الوطني لأخلاقيات الصحافة، الذي ينص على مبادئ رئيسية وهي: البحث عن الحقيقة من خلال نشر معلومات صحيحة مستقاة بطرق سليمة ومعالجتها، وتجنب الاختلاق والتضليل ونشر الأخبار الكاذبة أو فبركة الصور أو الفيديوهات، والافتراء والتحايل على المتلقين في الصحافة والمواقع الإلكترونية، وتجنب تزوير المعطيات من خلال التزام المنابر الإعلامية بالنزاهة في الإعلان عن تغطياتها الموجهة لشركائها وللجمهور.

وبخصوص المسؤولية إزاء المجتمع، سطرت النقابة جملة من الخروقات على رأسها  “تصوير الطفل ريان في قاع البئر بوجهه الدامي، وفي وضعية إنسانية صعبة، مما شكل ضرراً بمشاعر عائلته، وقد نقلت عدد من المواقع الإلكترونية هذه الصور وهي: (le360) و(شوف تيفي) و(أخبارنا) و(الزنقة 20) و(هبة بريس) و(ماروك ميديا) و(أنتلجينسا)”، والتي عدتها النقابة خرقاً لمبدأ الحق في الصورة.

واعتبرت النقابة محاورة أسرة الطفل وهم في وضعية إنسانية جد صعبة، وملاحقتهم وتصويرهم وهم في حالة من التأثر الشديد وطرح أسئلة عليهم لا تمت للمهنية الصحافية بصلة، وقد أتت هذه الممارسة من جل المواقع الإلكترونية التي كانت في موقع الحادث انتهاكاً لمبدأ احترام الكرامة الإنسانية المنصوص عليه بالميثاق.

وأوضحت، في السياق ذاته، أن تصوير واستجواب أطفال قاصرين وهم في حالة صدمة ووضعية نفسية صعبة، جراء التأثر بالحادث، وكذا نشر صور قاصرين عبر أشرطة مصورة بمحيط عملية الإنقاذ، بغرض الإثارة المجانية، دونما الأخذ بعين الاعتبار لوضعيتهم النفسية أو سنهم، تتنافى بشكل قطعي مع مبدأ حماية القاصرين.

إلى ذلك، أوصت النقابة بضرورة تكوين الصحافيين في مجال أخلاقيات المهنة، سواء عبر إحداث تكوينات أساسية في معاهد التكوين العمومية والخاصة، أو من طرف المقاولات الإعلامية، وتعميم ميثاق أخلاقيات المهنة على جميع الصحافيين وإنتاج دلائل مساعدة، إضافة إلى التزام المؤسسات الإعلامية الصارم بالتقيد بأخلاقيات المهنة.

كما أوصت بقيام رؤساء التحرير ومدراء النشر بمسؤولياتهم في “فلترة” المعالجات الإعلامية التي لا تحترم أبجديات العمل المهني ولا تلتزم بأخلاقيات المهنة، وكذا حزم المجلس الوطني للصحافة في تطبيق العقوبات المنصوص عليها في قانونه الأساسي ضد المخالفين لأخلاقيات المهنة من سواء الصحافيين أو المقاولات المشغلة.

ومتفقا مع النقابة، قال المجلس الوطني للصحافة بالمغرب (أعلى هيئة منتخبة من طرف الصحفيين تعنى بتسيير القطاع)، إنه “تابع بأسف شديد بعض الممارسات المشينة، التي صاحبت تغطية محاولات إنقاذ الطفل ريان”.

وتابع في بيان الجمعة: “نحن بصدد ضبط مختلف الخروقات التي قد تستحق المتابعة التأديبية، لتفعيل ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، طبقا لما يسمح به القانون”.

وبحسب المجلس، كان هناك “العديد من الخروقات المخالفة لميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، والتي تم ارتكابها من طرف بعض الصحف الإلكترونية، في تجاهل تام للمبادئ الإنسانية التي يتضمنها الميثاق المذكور”.

واعتبر أنه “في ظل أزمات وفواجع، لا يمكن أن تتحول، وسائل الإعلام بأي حال من الأحوال، إلى مجال للربح المادي والإثارة الرخيصة، لزيادة عدد المشاهدات وغيرها من أساليب المتاجرة في المآسي الإنسانية”.

وتوقف المجلس عند بعض الخروقات، منها “تصوير الطفل ريان في قاع البئر بوجهه الدامي، في وضعية إنسانية صعبة، مما يشكل ضررا لمشاعر عائلته، بالإضافة إلى خرق مبدأ الحق في الصورة”.

إضافة إلى “تصوير واستجواب أطفال قاصرين وهم في حالة إنسانية غير طبيعية، جراء التأثر بالحادث المتعلق بمصير حياة طفل قاصر”.