“أرباح خيالية على حساب جيوب المغاربة: هل تُعيد حكومة أخنوش نظام الأسعار المخفي؟”

0
478

في ظل ارتفاع الأسعار المتصاعد، تتسرب الأرقام الصادمة عن الأرباح الفاحشة التي يجنيها قطاع المحروقات في المغرب، حيث تجاوزت بشكل تراكمي 80 مليار درهم حتى نهاية 2024. في هذا السياق، يُطل الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة سامير، ليكشف النقاب عن حجم التلاعب في الأسعار ودعوات لإلغاء قرار تحرير أسعار المحروقات الذي اتخذته حكومة بنكيران نهاية 2015.

ما هي حقيقة الأسعار وكيف يتم تركيبها؟

بحسب اليماني، السعر الرسمي للمحروقات، رغم ارتفاعه في المحطات، لم يكن يوماً يعكس التكلفة الحقيقية للوصول إلى يد المستهلك. سعر لتر المازوط الذي وصل إلى 8.89 درهم، وليلصانص بـ 10.52 درهم، مبني على حسابات معقدة تجمع بين متوسط أسعار السوق الدولية، تكاليف النقل والتأمين، الضرائب، وأرباح الموزعين. لكن، هل تعكس هذه الأرقام الشفافية؟ أم هناك فجوة ضخمة تستغلها شركات التوزيع؟

فالفرق بين سعر وصول المحروقات إلى الموانئ المغربية، والذي لا يتعدى 5 دراهم للتر، وسعر البيع في المحطات، يصل إلى ما يزيد عن نصف السعر، تتقاسمه الضرائب التي تمثل 3.5 دراهم للغازوال و4.7 دراهم للبنزين، بينما تستولي شركات التوزيع على ما تبقى من فرق السعر كمصاريف وأرباح. وقد شهدت هذه الأرباح قفزات هائلة، من 600 و700 درهم للطن سابقاً إلى أكثر من 2000 و3000 درهم للغازوال والبنزين، على التوالي.

الأسئلة الكبرى:

  • لماذا لم يُعدّ نظام تحرير الأسعار خدمة للمستهلك المغربي، بل عكس ذلك تمامًا؟

  • هل تستغل هذه الأرباح الفاحشة لضغط أكبر على القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة والفقيرة؟

  • كيف يُمكن للحكومة، في ظل هذه الأرقام، أن تدّعي حماية القدرة الشرائية؟

  • هل كان قرار تحرير الأسعار الذي اتخذته حكومة بنكيران في 2015 موفّقًا، أم أنه فتح الباب أمام مضاربات غير مراقبة؟

انعكاسات اجتماعية واقتصادية بالغة الخطورة

ارتفاع أسعار المحروقات، وفق اليماني، لا يخدم سوى مصالح الفاعلين في السوق، بينما المواطن المغربي يعاني من تآكل قدرته الشرائية. ولعل أخطر ما في الأمر هو تناقض تصريحات المسؤولين حول توجيه دعم المقاصة لفئات اجتماعية مهمة، في وقت يعاني فيه عموم المغاربة من ارتفاع مهول في تكاليف الحياة الأساسية.

بالإضافة إلى ذلك، يبرز إشكال أساسي يتعلق بدور الدولة في حماية المواطن من تقلبات السوق الدولية، عبر سياسات تحكم في الأسعار وتدخّل فعّال في الاقتصاد، خاصة مع الأزمات العالمية المتلاحقة.

ماذا عن سياسة الدعم والمصافي الوطنية؟

الحسين اليماني لا يتوقف عند نقد سياسة تحرير الأسعار فقط، بل يربط الأزمة الحالية بـ:

  • تعطيل مصفاة سامير التي كانت تُعتبر عمودًا فقريًا للاقتصاد الوطني في مجال المحروقات، والتي لو استُغلت بكفاءة، لكانت تخفف من الضغوط على الأسعار.

  • الحاجة إلى إعادة التمكين للدولة في صناعة البترول والطاقة، وعدم الاعتماد الكلي على استيراد السلع البترولية بالسعر الدولي، خصوصاً مع ضعف الأجور المحلية.

نظرة مستقبلية:

مع تزايد الأصوات المطالبة بمراجعة سياسة تحرير الأسعار، يطرح البيان سؤالاً جوهرياً: هل ستستجيب حكومة أخنوش لهذا الواقع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، بإعادة النظر في القرار؟ وهل يمكن تحقيق توازن بين حماية المستهلك وتعزيز استقرار السوق؟ أم أن مصالح لوبيات المحروقات ستظل هي الأداة الحاسمة في رسم السياسات؟

خاتمة:

في مشهد يعاني فيه الاقتصاد المغربي من تقلبات متسارعة واحتقان اجتماعي متصاعد، يتحتم على صناع القرار قراءة هذه الأرقام بعين الفهم العميق، وأخذها كنداء استيقاظ للحكومة لتعزيز دورها في حماية القدرة الشرائية للمواطن، وإعادة الاعتبار لمصفاة سامير كمرفق استراتيجي. فهل ستختار الدولة مصلحة الشعب أم استمرار الفوضى الرأسمالية التي تلتهم جيوب المغاربة؟