بايتاس: الدعم الاجتماعي المباشر يستهدف 4.1 مليون أسرة مغربية..وماذا عن الذين يعانون فعليا من البطالة؟؟

0
261

الحكومة لم تتخذ تدابير تساهم في توسيع التعويض عن فقدان الشغل أو تقديم مساعدات للعاطلين، ومبادرات الحكومة في مجال التشغيل لا تفضي إلى استيعاب الذين يعانون فعليا من البطالة. 

الرباط- قال مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة، اليوم الخميس، إن الأسر المستفيدة من الدعم المباشر، هي الأسر التي بعد تسجيلها في السجل الاجتماعي الموحد حصلت على نقطة توازي أو أقل من 9,72، ولديها أطفال أو في وضعية هشاشة.

وأضاف بايتاس خلال الندوة التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي أن منصة التسجيل للحصول على الدعم المباشر، ستستقبل الطلبات ابتداء من يوم السبت، وعلى أساس هذا التسجيل سيتوصل الأشخاص برسالة توضح إن كانوا سيستفيدون من الدعم وحجم هذا الدعم.

وأوضح أن الأسر ستشرع في تلقي الدعم المباشر ابتداء من نهاية شهر دجنبر المقبل، وأن الأشخاص الذين تم رفض طلباتهم، سيكون بإمكانهم تقديم تظلمات في أجل 15 يوما، حيث ستتمفل لجنة مختصة في الرد في أجل 30 يوما.

وبخصوص الأطفال المهملين، فسيستغيدون أيضا من الدعم المباشر، وتعويضاتهم سيتم وضعها في حساب إلى حين وصولهم للسن القانوني للتصرف فيها.

وأشار بايتاس إلى أن الأسر التي تستفيد اليوم من “أمو تضامن” لديها مؤشر 9,32 أو أقل، وبالتالي فهي مشمولة بالدعم الاجتماعي المباشر الذي تصل عتبة الاستفادة منه 9,72، مبرزا أن ما يعادل 60% من الأسر غير المشمولة بأي تعويض ستستفيد من هذا التعويض المباشر.

ويبلغ عدد المستفيدين من التغطية الصحية “أمو تضامن”، حسب الوزير، 11,5 مليون مواطن، أي 4,1 مليون أسرة، لافتا إلى أن مليون شخص تم رفض ملفاتهم ولا يستفيدون من أمو تضامن لأن العتبة لا تؤهلهم.
وبخصوص بعض الذين كانوا يستفيدون من “راميد” ولم يتم قبولهم للاستفادة من “أمو تضامن”، فقد أشار الوزير إلى أن نظام الراميد كان نظام من لا نظام له، ووصل إلى 18 مليون مستفيد، لكن ليسوا جميعا في الفقر والهشاشة، وبالتالي منهم من لا يستحق الاستفادة من “أمو تضامن”.

وبخصوص الأرقام المتعلقة ب”أمو تضامن” فقد أفاد بايتاس أنه تم التكفل ب 115246 ملف أمراض مزمنة ومكلفة، و185447 ملف تم التكفل بها بغلاف مالي يبلغ 2,819 مليون درهم، كما تم منح 21602 شهادة للتكفل بالمصاريف المرتبطة بالدواء بغلاف 216 مليون درهم، في حين 2,827 مليون ملف تم إرجاع المصاريف المرتبطة بها بغلاف 2,9 مليون.

في تقرير لها حول تطور الفوارق الاجتماعية في سياق آثار كوفيد وارتفاع الأسعار، خلصت المندوبية السامية للتخطيط الحكومية، إلى تعرّض 3.2 ملايين شخص للفقر، حيث فقد المغرب ما يقرب من سبع سنوات من التقدم المحرز في القضاء على الفقر والهشاشة، مؤكدة أن وضعية الفقر والهشاشة، تراجعت في المغرب حاليا إلى مستويات سنة 2014.

وعلى مدى عشرين عاما، عرف النمو الاقتصادي في المغرب ديناميكية ملحوظة. فقد بلغ النمو في المتوسط بين 2000 و2017 حوالي 4.4 في المائة، بينما زاد الدخل الفردي بنسبة 3.1 في المائة، حسب بيانات رسمية. وتجلى حسب البحوث التي تنجزها المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل الفقر انتقل من 15.3 في المائة في 2001 إلى 8.9 في المائة في 2007 و4.8 في المائة في 2014 قبل أن يعاود الارتفاع بعد ذلك.

غير أن بحوث المندوبية مبنية على مقاربة تستحضر الفقر النقدي وليس الفقر متعدد الأبعاد والذي شهد زيادة واضحة خلال الفترة الأخيرة.

وقد لاحظت المندوبية في تقريرها حول تطور الفوارق الاجتماعية ارتفاع معدل الفقر المطلق من 3 في المائة سنة 2021 إلى 4.9 في المائة سنة 2022 على الصعيد الوطني.

غير أنه يتجلى أن ذلك المعدل قفز من 1 في المائة إلى 1.7 في المائة في المدن، ومن 6.8 في المائة إلى 10.7 في المائة في الأرياف.

وسجلت المندوبية أن معدل الهشاشة الاقتصادية قفز من 10 في المائة في 2021 إلى 12.7 في المائة في 2022 على المستوى الوطني، ذلك المعدل انتقل من 5.9 في المائة إلى 7.9 في المائة في المدن، ومن 17.4 في المائة إلى 21.4 في المائة في الأرياف.

وينتظر أن يفضي الإحصاء الخاص بالسكان في العام المقبل، إلى توضيح الخريطة الجديدة للفقر، علما أن الإحصاء الذي أجري قبل عشرة أعوام خلص إلى أن الفقر متعدد الأبعاد أصاب حوالي ثلاثة ملايين شخص، إذ تجلى أن أعلى النسب سجلت في جهة بني ملال خنيفرة وجهة مراكش- آسفي وجهة درعة- تافيلالت، ثم فاس – مكناس.

ويأتي التخوف من اتساع دائرة الفقر في ظل ترقب تراجع النمو الاقتصادي في العام الحالي إلى 3.1 في المائة، بعدما كانت الحكومة تتوقع بلوغه 4 في المائة.

وتؤكد المندوبية السامية للتخطيط أن توالي الأزمات في العامين الأخيرين أفضي إلى فقدان عامين ونصف من النمو وثلاثة أعوام من الجهود التي بذلت من أجل محاربة الفقر وحوالي عقدين من محاربة الفوارق.

وعاكست الظروف في الأعوام الثلاثة الأخيرة وهشاشة النمو، وعود الحكومة التي توقعت إحداث مليون فرصة عمل على مدى خمسة أعوام، بمعدل 200 ألف فرصة عمل سنويا، غير أنها اختارت في ظل ضعف النمو الذي يتيح إحداث 120 ألف فرصة عمل فقط، خلق فرص مؤقتة عبر برنامجي “فرصة” و”أوراش”.

وتؤشر البيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط حول سوق العمل، إلى أن معدل البطالة انتقل إلى 12.9 في المائة في مارس/آذار الماضي بعدما كان في حدود 12.1 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي، غير أن ذلك المعدل انتقل من 16.3 إلى 17.1 في المائة في المدن ومن 5.1 في المائة إلى 5.7 في المائة بالأرياف.

ويظهر أن البطالة شهدت ارتفاعا حادا بين المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة، حيث انتقل من 33.4 في المائة إلى 35.3 في المائة والأشخاص المتراوحة أعمارهم ما بين 25 و34 سنة، من 19.2 في المائة إلى 20.9 في المائة.

يستحضر المراقبون عندما يتناولون وضعية الفقر، مستوى التضخم الذي وصل إلى 6.6 في المائة في العام الماضي، وقفز إلى 8.2 في المائة في مارس الماضي، مدفوعا بارتفاع أسعار مستهلكي السلع الغذائية بنسبة 16.1 في المائة، حسب المندوبية، بينما سجلت السلع غير الغذائية زيادة بنسبة 3 في المائة.

ولم تخف الأسر قلقها من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، فقد كشفت نتائج بحث أصدرته المندوبية السامية للتخطيط، أن 98.7 في المائة من الأسر أكدت ارتفاع أسعار السلع الغذائية في الأشهر الاثني عشر الماضية.

تؤكد الأسر، حسب بحث المندوبية السامية للتخطيط، تراجع مستوى معيشتها، وعدم القدرة على الادخار، وتوسع دائرة البطالة، وغلاء أسعار السلع الغذائية، في سياق متسم بارتفاع معدل التضخم. وقد شددت اتحادات عمالية، في بداية شهر مايو/أيار الجاري على ضرورة وقف ما تعتبره هجوما على القدرة الشرائية.

يرجّح رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، أن تتسع دائرة الفقر أكثر وأن تستوعب أشخاصا جددا، في الوقت نفسه الذي لا يستبعد فيه أن يلتحق أفراد من الطبقة المتوسطة بتلك الدائرة.

ويوضح أن زحف الفقر سيحفزه عدم اتخاذ الحكومة تدابير من شأنها محاصرته، خاصة في سياق متسم بارتفاع معدل البطالة، وهو ما يؤشر عليه فقدان 280 ألف فرصة عمل في الربع الأول من العام الجاري، حسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط.

ويعتبر أن ذلك يأتي في وقت لم تبادر فيه الحكومة إلى اتخاذ تدابير ملموسة تساهم في توسيع التعويض عن فقدان الشغل أو تقديم مساعدات للعاطلين، ملاحظا في الوقت نفسه أن مبادرات الحكومة في مجال التشغيل لا تفضي إلى استيعاب الذين يعانون فعليا من البطالة.

وتسجل الرابطة الحاصلة على الصفة الاستشارية لدى الأمم المتحدة، أن الذين يعيشون في وضعية فقر يعانون من عدة أشكال من الحرمان، وهو ما يتجلى، بحسبها، في ظروف العمل الخطيرة، وغياب الإسكان المأمون، ووجود تفاوت في الوصول إلى العدالة.

ويؤكد السدراوي، الذي يشدد على أهمية سن ضريبة على الثروة والرأسمال، أن الحكومة لم تبد انشغالا كبيرا بمعالجة مسألة الفقر الذي تتسع دائرته. في الوقت نفسه، يشدد على أن الحكومة تبدي حرصا كبيرا لتقليص عجز الموازنة بتخفيض نفقات الدعم الذي يهم السكر والدقيق وغاز الطهو عبر صندوق المقاصة.

ويلاحظ أن فئات من الطبقة المتوسطة مرشحة في سياق تراجع قدرتها الشرائية إلى الانزلاق إلى دائرة الفقر، خاصة مع عدم اتخاذ تدابير للزيادة في الأجور أو فتح المجال أمام الترقي الوظيفي.

ويتصور البنك الدولي أنه يمكن أن تكون أدوات الحماية الاجتماعية الموجهة بشكل أفضل مثل التحويلات النقدية، أكثر فعالية من حيث التكلفة للتخفيف من آثار صدمات العرض، حيث يعتبر أن التحويلات النقدية للأسر يمكن أن تسمح بحماية الأسر الفقيرة بشكل أكثر فعالية وكفاءة.

ووضع المغرب مشروع نظام السجل الاجتماعي الموحد، من أجل استهداف الفئات الفقيرة بالدعم، قبل المضي في تحرير أسعار السلع التي تحظى بالدعم عبر صندوق المقاصة، على غرار ما طرأ على السولار والبنزين قبل خمسة أعوام.